الجمعة، 30 ديسمبر 2011

الحلقة 30: النساء يُرِدنَ إلغاء الخِتان- كاريكاتير الثورة المصرية

·    جميل.. يا جميل! سأخرج حالاً. أدِر التلفاز..
انتبهتُ بمثل الصَّدمة. ثم تناولتُ- بيدٍ ذاهلةٍ- آلة التحكُّم النائي. وأدرتُ التلفاز. فأضاءت قناةُ الجديد.. وسحبتُ نفَساً عميقاً، ثم زفرتُه كأنَّما أنفُخ على الذكريات أطردُها.. ثم لفتَ سمعيَ وعينيَّ ما كانت تقوله المذيعة دالية أحمد باسمةً:
"يا بنات اخلعنَ الملاءات، وانزِلنَ إلى الميدان احتجاجاً على الختان"- دعوةٌ للمصريَّات، في مواقع التواصُل الاجتماعي بالشبكة العنكبوتيَّة، أن يثُرنَ على الملاءة الصعيديَّة السَّوداء والخِتان- رمزَي عُموديَّة حُسني مُبارك..

ذكرتُ دعوتنا اللبنانيِّين- من قبلُ- للنزول إلى ساحة رياض الصلح رفضاً لبقاء السَّنيورة المُثلَّث بالسَّراي "باق باق باق". يومَها..
(تعبسُ دالية وهي تقول كأنَّها تؤنِّبُني على شُرودي. ثم تواصل النَّشرة)..
وقد لبَّت بناتُ الصَّعيد المصريِّ الدعوة. ونزلنَ إلى ميدان التَّحرير بالقاهرة. مُراسلتُنا من الميدان مُنى عشماوي وافتنا بالتَّقرير المُصوَّر التالي.. (وتلتفت دالية أحمد إلى الشاشة الكبيرة بالأستديُوه)..
ها هُنَّ الصعيديَّات يزدَهينَ بألوان الأزياء العصريَّة، يهتفنَ معاً:
"النساء يُرِدنَ إلغاء الخِتان"
"النساء يُرِدنَ..
وتقترب نوال السَّعداوي من مذياع المُراسلة وتصيح ساخطة:
_ الختان جريمة، جِزارة، تشويهٌ للمُعيَّن بقطع بظره وقصِّ أشفاره وتقطيب فُتحته- بتشجيعٍ بل تواطُؤٍ من دار العُمدة حُسني مبارك. وذلك لمنع الرجُل المصريِّ من الدخول، كي يعدِل ربَّما عن المُعيَّن إلى عزيزة!
تسألها المُراسلة مُنى وسط تدافع المتظاهرات:
_ ما الغاية من ذلك؟
فتُجيب نوال بغضب:
_ تحديد النَّسل، نسل المصريِّين إرضاءً للسِّرداب الإسرائيليِّ وتنفيذاً لتنازُليَّة كمديفد!
وتُحوِّل مُنى المذياعَ إلى امرأةٍ واقفةٍ تتابع الحوار. وتسألها:
_ نحن في مُجتمعٍ ذكوريٍّ. فهل يسمع الرجال شكواكُنَّ؟
فتقول ماجدة نجيب مُتحدِّيةً:
_ فليقطع قضيبَه مَن يُريد قصَّ أبظار بناتنا فيختبرَ بنفسه ما نشعُر به إذ ذاك!
وتُعيد مُنى المذياع إلى فمها لتقول بحماسة:
_ وكانت نسوةٌ مصريَّات قد انضممنَ عفواً إلى المُعتصمات بالميدان.. نقابل إحداهُنَّ..
وتدفع بالمذياع نحو امرأةٍ في لباسٍ شعبيٍّ بسيط، وتسألها:
_ لماذا نزلت الميدان؟
 فتُجيب عبلة كامل بجُرأة:
_ مش عايزينُه!
_ حُسني مبارك؟
_ أيوه العُمدة سي حُسني. مُش عايزينُه. ثلاثين سنة فقر ومذلَّة وختان..
وتهتف امرأةٌ أخرى مُقتربةً من المذياع:
_ لن نعيش في ظلِّ شِفار الجزَّارين بعد اليوم!
فتسألها مُنى وهي تلتفتُ إليها بالمذياع:
_ ما اسمُكِ؟ ومن تقصدين بالجزَّارين؟
فتقول المرأة:
_ أنا مُحسنة توفيق. وأقصد بالجزَّار كلَّ مَن يُجري عمليَّة الختان حلاقاً كان أم دايةً أم مُمرِّضاً أم طبيباً..
وتجول كاميرا الجديد على اللافتات في الميدان فوق رؤوس البنات:
"كلُّ الأديان ضدَّ الختان".. "الحماية في الرِّباية مش في الختان".. "ليه الختان بيتمارس وإحنا لسَّه في مدارس"..
وانتقلتُ بآلة التحكُّم النائي إلى قناة المصريَّة.. فإذا القوَّال الصعيديُّ صفوت الشريف يقول بحُنق:
_ هذه المظاهرات يدعمها التمويل الأجنبي.. النِّسوة اللواتي لا يستحينَ ينفِّذنَ أجُنداتٍ خارجيَّة لا علاقة لها بصعيدنا.. ها هُنَّ يترُكنَ مشاكل الصعيد من فقرٍ وبِطالةٍ وأمَّيةٍ ويتحدَّثنَ على الملأ، من غير حياء، عن قطعةٍ نجِسةٍ من أجسادهنَّ قد جعلنَ قطعَها سبباً للتأخُّر والتخلُّف!
وأعود إلى قناة الجديد.. كانت مُراسلتُها مُنى عشماوي تواصل مُقابلاتها في الميدان عندما ترامت أصواتٌ مذعُورة.. تتلفَّت مُنى عشماوي زائغة البصر.. وتضطرب الكاميرا بيد المصوِّر الصِّحافيِّ، ثم تتَّجه نحو طرف الميدان، فإذا رجالٌ على الجمال والبغال والحمير، في الجلابيب البيضاء والعمامات، يُهاجمون المُتظاهِرات وهم يُلوِّحون بأشياء تلتمعُ في أيديهم.. ويُسمَع صوتُ نوَّارة نجم تصيح مُستنجدة:
_ هيختِنُونا الجزَّارين!
ويُسمَع صوت دالية أحمد تسأل مُراسلتها في جَزع:
_ مُنى.. مُنى.. أنت بخير؟
وينقطع البثُّ من ميدان التَّحرير بالقاهرة. فتعود بنا الصورة إلى أستُديوه الجديد ببيروت وتقول دالية أحمد مُضطربة الحدقتَين:
_ نقلاً عن موقع يوتيوب نُشاهد هذا الفديوه بكاميرا هاتفٍ خلَويٍّ..
بنتُ سنواتٍ سبع- بالتقدير- تبسِمُ للكاميرا في الميدان- لا تدري ماذا يُريد بها ذاك الجزَّار. لكنَّ عينَيها السَّوداوين اضطربتا في توجُّسٍ إذ لمحته ينزل عن جمله، ثم يُقبل عليها حاملاً مُوس حلاقة..
_ سيختنها!
تتشبَّث الطفلة بيديها الصغيرتين بامرأةٍ مُتحجِّبةٍ لعلَّها أمُّها. فتهمس لها هذه بكلمات تشجيعٍ- كما بدا.
اقترب الجزَّار الصعيديُّ الشهير حبيب العادلي من الطفلة بوجهٍ فظٍّ شاهراً المُوس.. وإذا بالأمِّ، أو بمَن ظننتُها أمَّاً، تحسِرُ جلبابَ الصغيرة عن فخذيها غير عابئةٍ بصُراخها الذي اجتذبَ إليها نسوةً، لا لنجدتها- كما خمَّنتُ أيضاً- بل ليُفرِّجنَ- يا للعجَب- فخذَي الطفلة المذعُورة للجزَّار يختنُها.. وأدنى العادلي المُوسَ من.. ثم اختلط صُراخ الطفلة بأغاريد النِّسوة!
أُدمدِم وأنا أنتقل إلى قناة الجزيرة:
_ ما أجهلَكُنَّ!.. وهل دامت عُموديَّة مبارك إلا بالجهل؟
فأجد خديجة بنت حنَّة تُذيع الأسماء:
_ ..بدور، وكريمة، ونرمين، وإيمان،.. (ثم تقول بأسى).. هُنَّ بناتٍ صغيرات تُوُفِّين في الميدان جرَّاء عمليَّات الختان التي أجراها جزَّارُو مبارك- والعادلي على رأسهم.. (ثم تهُزُّ رأسَها..).. حتَّى شعر العُمدة أخيراً بالحَرج. فخرج على شاشة قناة الحُلُم المصريَّة.. (وتنظر خديجة إلى الأفُق تدعونا للمُتابعة)..
ها هو سي حُسني بعمامته المُقلوظة فوق حاجبَبيه الغليظين يُعلن بنبرته المنغُومة:
_ على الرغم من كونه خدمةً للحفاظ على شرف الفتاة وعفَّتها ونظافتها.. فإنَّني قد قرَّرتُ، أخواتي المصريَّات، نزولاً عند رغبتكُنَّ، العمل على إلغاء ختان الإناث. لكن بما أنَّه، عندنا في الصعيد المصريِّ، عادةٌ عريقةٌ مُتوارثة..
يعلو هُتاف النِّسوة في الميدان- وقد انقسمت الشاشة بين الميدان والعُمدة:
_ لا للتوارُث!
لكنَّ العُمدة تابع يقول:
_ فإنَّ إلغاءه يتطلَّب زمناً ليس بالقصير..
فقلتُ مُتهكِّماً:
_ لم تكفِك ثلاثون عاماً من عمُوديَّتك لقطع تلك العادة!
هتاف الميدان..  ويواصل حسني:
_ أمَّا الملاءة الصعيديَّة فإنَّ لكلِّ امرأةٍ مصريَّةٍ أن تخلعها-إن شاءت- وأن ترتديَ ما يحلُو لها ويليقُ من الملابس النسائيَّة- على ألا تُجاوز حدود الحشمة. ولا حشمة إلا بالملاءة الصعيديَّة!
ما اعتاد العُمدة الاستماع إلى نساء مصر..
انتقلتُ بآلة التحكُّم النائي إلى قناة الجزيرة.. خديجة بنت حنَّة بصوتها الرَّخيم تقول:
_ مجلسُ حقوق النِّسوان اجتمع اليومَ في جُنيف برئاسة هيلاري اكلنتُون- مُمثِّلةً النادي الأمريكيَّ، وحضُور كارلا ابرُوني- مُمثِّلةً الصالونَ الإفرنسيَّ، وأنجيلة مركل- مُمثِّلةً القبوَ الألمانيَّ، وناعُومي ليتيسِيا مُمثِّلةً السينما الإيطاليَّة..
ها هي هيلاري تقول في ختام الاجتماع:
_ .. مُحاسبة الجزَّارين المسؤولين عن قتل أولئك الفتيات الصغيرات في ميدان التَّحرير..
قلبُكِ عليهنَّ يا رقيقة الإحساس! ألم ترعَي الزعران الإسرائيليِّين وهم يغتصبون بناتنا بالشارع اللبناني في انتهاك تمُّوز؟
.. وإنِّي أُشيد بموقف الإخوان من ختان الإناث باعتباره مكروهاً في الإسلام..
هيلاري تُشيد بالإخوان!
عُدتُ إلى شاشة الجديد. فإذا شيخُ الخفَر عُمر سُليمان يُعلن بسِحنةٍ شائهة:
_ .. تنحِّي العُمدة حُسني مُبارك، ومُغادرتَه الصعيدَ إلى عزبته بشرم الشيخ..
ألم يُزوِّدهُ فِلِتمان بالفياجرا تمُدُّه بالوقاحة يستعين بها- كالسَّنيورة- على البقاء؟
وانتقلت الصورة إلى ميدان التحرير حيث تعالت أغاريد النِّسوة في فرحةٍ شاملة..
ثم عادت الصورة إلى شيخ الخفَر الحزين يواصل إعلاناته السعيدة:
_ تسليم السُّلطة إلى المجلس العسكريِّ برئاسة المُشير المتقاعد حسين طنطاوي، العائد إلى الخدمة..
أذكُر أنَّ سليم الحُص كان تحدَّث مرَّةً أنَّ الجيشَ المصريَّ أُحيل على التقاعُد غداةَ وفاةِ الزعيم عبد الناصر وعَقْدِ خلفهِ أنور السادات تنازُليَّةَ كمديفد مع شيخ الزعران الإسرائيليِّين مناحيم بيغان..
ها هي المُمثِّلة الشهيرة تيسير فهمي تُثني على عودة الجيش:
_ نُرحِّبُ بجيشنا المصريِّ، لكن لمرحلةٍ انتقالية، كما قال المُشير، ريثما تُجرى انتخابات وتنتقل السلطة إلى المدنيين ونبني الدولة الحديثة التي ستكون مصر حقاً!
آن لمصر أن تعود كما كانت قائدةً للعالم العربيِّ.. وانتقلتُ بآلة التحكُّم إلى قناة المحور يُدلي لها علاء الأسواني بتصريح خطير:
_ أقول سبع عشرة فتاةً كان اعتقلهُنَّ الجيشُ المصريُّ في ميدان التحرير أُجريَت لهُنَّ في مقرِّ المجلس العسكريِّ عمليَّاتُ الختان!
فيسأله الإعلاميُّ عمرو الليثي مُتضايقاً:
_ وبماذا برَّر المجلس العسكريُّ ختان أولئك الفتيات؟
فأجاب علاء مُشمئزَّاً:
_ قد تحدَّث باسم طنطاوي ضابطٌ تسلَّم لتوِّه مهامه بعد التقاعُد فقال بصَلَف إنَّ ختان البنت يُهدِّئ من ثورتها فتقعُد عن النزول إلى ميدان التَّحرير!
فحرَّك عمرو رأسَه مُعترضاً يأبى التَّصديق. ثم قال:
_ لكن المجلس العسكريَّ وفَى بوعدهِ ودَعا لانتخابات نيابيَّة!
أيَّة انتخابات؟
على شاشة الجديد أرى ملاءاتٍ سُوداً وبراقعَ تُخفي تحتها نسوةً- على الأرجح- لا يبينُ منهُنَّ سوى العيونِ الكالحة.. (ثم تقف المُراسلة مُنى عشماوي أمام الصورة وتقول في مذياعٍ بيدها).. هؤلاء مُترشِّحاتٌ لمجلس الشعب المصريِّ..
ثم نرى صُوراً على الجُدران في شوارع القاهرة لرجالٍ مُلتحين حافِّي الشوارب يطلبون أصوات الناخبين المصريِّين.. لكنَّ منى عشماوي تحجب الصور بوقفتها وتقول:
مهلاً. هذه ليست صُور المُترشِّحين للانتخابات بل هي لأزواج نسوةٍ ترشَّحنَ ولا يجُوز لهُنَّ الظهور في الصور إذ هُنَّ عوراتٌ محجُوبةٌ لا تُعرَض على كلِّ مَن هبَّ ودبَّ من الناخبين..
ها قد عاد الختان والملاءة وفوقهما البُرقُع!.. لكن ماذا أرى؟.. على شاشة حاسوبٍ في أحد مقاهي الشبكة العنكبوتيَّة يتجمَّع شبَّانٌ ينظرون باهتمامٍ شديدٍ إلى فتاةٍ في العشرين من عُمرها، عليها ملاءتُها الطبيعيَّة اللصيقة، الملاءة السَّمراء التي وُلِدَت بها هي وتُولد بها بناتُ جنسِها من قبل حياكة الملاءات السُّود، تستدير حول الكتفَين، وتمتدُّ على الذراعين، ثم تنحدر على الجسم مُرتفعةً قليلاً عند الصدر في نُتوءين لافتَينِ جدَّاً، ينتهيانِ بزرَّين داكنَي اللون لم تُرَ في مثل جمالهما أزرارٌ على ثوبٍ قطُّ.
وتنساب حتَّى تلتقيَ خيُوطُها في وسط البطنِ مُنعقدةً عند السُّرَّة بقُطبةٍ خفيَّة، لعلَّها القُطبة التي تشُدُّ البطنَ والخصرَ كأنَّما بزُنَّارٍ، ولا زُنَّار! ثم تنخسف الملاءة الطبيعيَّة هذه، أسفلَ البطنِ، مُنشقَّةً، لتلُفَّ فخذين لطالما تهدَّلت عليهما الأثوابُ النسائيَّة جاهدةً في تمويه شكلهما الفاتن.. أمَّا الشُعيراتُ السُّود الصغيرات، عند العانة، فهي اللمسة التَّفصيليَّة العجيبة التي تُطلق بها الملاءة الطبيعيَّة الصيحة الأولى والأخيرة في عالم الأزياء النسائيَّة والموضة. ولعلَّه لا يعيبُ هذه الملاءة إلا استعارة لابستها الجريئة من دُنيا الأزياء التقليديَّة جوربَين سوداوين مُطرَّزين، وأُنشُوطةً حمراء في شعرها، وإسكربينةً حمراء كذلك في قدميها- ووقفت الفتاة هكذا باسطةً كفَّيها على مطَّاطتَي الجوارب، ورافعةً رِجلَها اليُمنى على مِنضدةٍ خشبيَّةٍ تُستخدَم للارتقاء إلى الرُّفوف العُليا. 
(ثم تعترض نظرنا منى عشماوي وتقول)..
"اخلعوا ملابسكم وانظروا إلى أنفسكم في المرآة. وأحرِقُوا أجسادكم التي تحتقرونها كي تتخلَّصوا من عُقدكم الجنسيَّة إلى الأبد قبل أن تُنكروا عليَّ حريَّتي في التعبير" كذلك كتبت علياء المهدي تحت صورتها عاريةً في مُدوَّنتها على الشبكة..
كما فعلت رجاء من قبلُ لكن بعد استفتائي الجُمهورَ على افتضاحها في وجُوه..
(وتعبس دالية أحمد تلومُني على شرودي مرَّةً أخرى، ثم تُواصل النَّشرة).. نعود إلى محليَّاتنا اللبنانيَّة:
في حملته على حكومة نجيب ميقاتي التي يصفُها "بالمُتشَودِرة" نشر سعد الحريري على طُول الشارع اللبنانيِّ لوحاتٍ إعلانيَّةً.. (تنتقل بنا الكاميرا إلى لوحةٍ إعلانيَّةٍ كبيرة عند تقاطُع بشارة الخوري- فيها صورة امرأةٍ مُحجَّبةٍ بائسة المظهر، تُقابلُها صورةُ فتاةٍ بالبيكيني ضاحكة الوجه مُفعمةٍ بالحياة- وبين الصورتين السؤالُ المطروح على المواطن اللبنانيِّ: أيُّ لبنانَ تريد؟.. النائب نوَّاف الموسوي يقول إنَّ سعداً لا يتورَّع- من أجل التَّرويج لتجارته- أن يكشفَ نساءنا لعيون الزعران الإسرائيليِّين المُتربِّصين بهنَّ. أمَّا النائب عمَّار الحُوري فيقول مُتبسِّماً إنَّ رئيس جمعيَّة الباعة الجوَّالين إنَّما يقصد تزيين اللبنانيَّات كُرمَى لعيُون السوَّاح الخليجيِّين!
(تعود دالية مُقطِّبةً تقول)
النائب أمين الجُميِّل طرح على الحكومة مشروع قانون جريمة الشَّرف:
يُعاقَبُ بالإعدام كلُّ مَن يُريقُ دماً بحُجَّة طلب السَّلامة لشرفه من الأذى.. (وتُحيلُنا دالية إلى الشاشة الكبيرة)..
هذا السيِّد حسن نصرالله في إطلالته المُتلفَزة:
_ يُقصَد بالمشروع المطروح حماية الزعران في مُحاولتهم القادمة لانتهاك شرفنا. وكلُّ مَن يُصوِّت لمشروع القانون هذا سنعتبره أزعر إسرائيليَّاً!
فوليد جنبلاط:
_ أقول إنَّه مشروع.. مشروعُ حربٍ أهليَّة.
فالنائب فؤاد السَّنيورة بفمه المائل:
_ لن يكون هذا القانون خدمةً للسِّرداب الإسرائيليِّ- كما يُشيعون. إنَّه يمنع استباحة دماء اللبنانيِّين بجرائم الشَّرف المزعوم. وبالتالي لن يستطيع بعضُ الرجال- كُلَّما نظر لبنانيٌّ إلى امرأةٍ في شادُور- أن يسُلُّوا السيوف ويصيحُوا في وجهه: "لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتَّى يُراق على جوانبه الدَّم"!
لا تكتمل تقاريرُ الجديد الإخباريَّة إلا بمُصمِّم الأزياء الراقية سمير جعجع:
_ هذا القانون يُشجِّع اللبنانيَّات على ارتداء ما يشتهينَ من الملابس العصريَّة. تسألونني كيف؟ أقول إنَّ الذين أراقُوا الدم على جوانب شَرفهم قد فرضُوا الشادُور على المرأة اللبنانيَّة. قانون جريمة الشرف هذا سيُخلِّصُنا من أولئك المُتزمِّتين الرجعيِّين. فتجد المرأة نفسَها حُرَّةً في ارتداء ما تشتهي على جسدها!
رئيسُ الحكومة الوسَطيُّ نجيب ميقاتي:
_ سأطرح المشروع على مجلس الوزراء. فإذا صوَّتوا لصالحه. أحلتُه على مجلس النوَّاب للتصويت- ولا شأن لي!
ثم مَن هذه؟ مُورا كُونلِّي- المُمرِّضة الجديدة في عيادة فِلِتمان بعَوكر- تقول مُهدِّدة:
_ إذا لم يُصوِّت النوَّاب اللبنانيُّون لصالح القانون فإنَّ النادي الأمريكيَّ، الإسطربطيز، سينصح أعضاءه بألا يرتادُوا نوادي التعرِّي اللبنانيَّة!
(ترفع دالية حاجبيها المُزجَّجين ساخرةً ثم تواصل النشرة بحزم)
صلاح- القياديَّ في حركة الفضَّاحين المُنحلَّة- يُنشئ "مُنظَّمة الخصَّائين" مُتوعِّداً السياسيِّين الوقحين في لبنان والوطن العربيِّ..
يظهر وجهُ صلاح على الشاشة بقسَماتِه الحادَّة وهو يقول بقوَّة: كُلَّما نَعَظَ إحليلٌ على مِنبرٍ خَصَيناه حتَّى إسقاط كمديفد!
لطالما اعتقد صلاحٌ بالخصاء جزاءً للوقاحة على المنابر السياسيَّة..
والنادي الأمريكيِّ للتعرِّي يضع المُنظَّمة الجديدة على القائمة السَّوداء للمُنظَّمات المُتشدِّدة خُلُقيَّاً التي تُقاوم عُروضَه حول العالم.

فتياتٌ من منظَّمة بنات المُعيَّن- المُنبثقة عن حركة الفضَّاحين- يخلعنَ ملابسَهنَّ مُفتضِحاتٍ في ساحة النجمة بوجُوه النوَّاب، فاضِحاتٍ خيانتَهم للشعب اللبنانيِّ طوال عشرين عاماً- منذ اتفاق الطائف- إذ قصَّروا عن إلغاء الطائفيَّة السيا..

·    جميل! تُتابع الأخبار؟ أما كفاكَ ما فعلت السياسةُ بي؟
فتحت رجاء بابَ الحمَّام الأكُرديُونيَّ وخرجَت- تلُفُّ شعرَها بمِنشفةٍ صغيرةٍ، وتستُر- بمِنشفةٍ كبيرةٍ- فراغاتِها الحميمة!
                                تمَّت الرواية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق