الاثنين، 26 ديسمبر 2011

الحلقة 29: عودة الزعيم إلى الحمَّام


واقتحم أبي عليَّ الحجرة هاتفاً في فرحٍ طارئ:
_ عاد المُعيَّن!
التقت عيناي بعينيه. فتولاني الحرج. وغضضتُ بصري وأنا أعود إلى فراشي:
_ وما شأني أنا؟
فقال لي بهُدوء:
_ يا جميل.. انزل ولاقِه. فما بقاؤك في البيت تُناكف أمَّك؟
نزلتُ إلى الشارع. تفاديتُ من الشبَّان يُهرولون باتِّجاه مُونُوه.. عجبتُ لشعبيَّة المُعيَّن المُتزايدة لم يُقلِّل منها الزواج بخصمه التاريخيِّ.. 

ها هو مصطفى علُّوش يُوزِّع على الناس لفائفَ حلاوة الجبن احتفالاً بعودة الزعيم.. وهذا عمَّار حُوري على الرَّصيف يُلوِّح للزعيم بكيلوتٍ لعلَّه آخر صرعات اللنجُريه ويصيح فوق صَخَب الجمهور: "هديَّة للزعيم".. هذه رجاء هناك يُفسح الناسُ لها طريقاً إلى البيت الصغير. والمُطرب ملحم بركات يُغنِّي من على شُرفةٍ أُغنيته المُلتزمة:
أحلى افتضاح..
لكنَّ الزعيم لم يظهر لعيون المُحتفلين بعودته وقد احتشدُوا أمام باب البيت- يتدافعون ويطلع بعضُهم على أكتاف بعضٍ للظفر منه بنظرة. بل ظلَّ مُستتراً خلف سحَّابٍ غليظٍ ذي أسنانٍ نُحاسيَّة- عن جانبيه تقف الفخذان، حارستاه الطويلتان، في بنطلونٍ من الجِنْز.. رفعتُ عينيَّ إلى وجه رجاء. فألفيتُها تنظر إليَّ. فساورني ارتباكٌ. غير أنَّها سرعان ما حوَّلت عينيها إلى الجمهور. نظرتُ حيث تنظر. فلمحتُ فوزياً يتقدَّم بين الأكتاف ثم يدخل البيت كالمُتسلِّل من وراء ظهر رجاء. خلتُني آنستُ في عينيها استياءً. لكنَّ تهامُساً لنسوةٍ كُنَّ إلى جانبي لفتَ سمعي:
_ أترينَ انتفاخ بطنها..
_ أهي السُّمنةُ؟
_ أم هو الحَبَل؟ 
تحت القميص الأبيض، المفكُوكةِ أزرارُه السُّفلى عن سُرَّةٍ مُدوَّرة تكوَّرت بطنُ رجاء.. تساءلتُ: هل.. وإذا بها تضع يديها على خاصرتيها- مُتقبِّضةَ الوجهِ بالألم.. تابعناها في إشفاقٍ حتَّى استرخت قسَماتُ وجهها، وعاودها الابتسامُ، كأنَّما انقضت وخزةُ الألم.. وقلَّبت رجاء عينيها في وجوهنا القلقة. ثم كشفت عن بطنها وقالت بصوتٍ خفيض وهي تغُضُّ البصر:
_ إليكم حنان!
شهقنا من وقع المُفاجأة ونحن نتطلَّع إلى البطن المُتكِّورة. قالت حنانُ كأنَّما تُجيب عن تساؤلنا:
_ نعم أنا حُبلى!
وسألتها بعضُ النِّسوة:
_ أصبيٌّ أم بنت؟
فقالت حنان في سعادة:
_ بنت.. ستكون ثمرة اقتران المُعيَّن بخليل!
وتدانى شابٌّ من البطن الحُبلى، حنان، في شيءٍ من الانشِداه كأنَّما يأبى أن يُصدِّق. فأشفقت عليه. وأشارت إليه أن يقترب ويتسمَّع إليها. اقترب الشابُّ، وألصق أُذُنه بحنان. وأخذ الشبَّان يتدافعون- كلٌّ يريد أن يتسمَّع إلى حركة الجنين. غيرَ أنَّ الشابَّ كان ألصقَ خدَّه بالحُبلى يأبى الانسلاخ عنها.. فيجذبونه.. تهتف بهم حنان في رقَّة:
_ دعُوه يا ماما!
وترامت من خلفنا صيحاتٌ مبحُوحةٌ.. إنَّه صلاح يركض وهو يُلاقي الجهدَ في شقِّ طريقٍ له بين النِّسوة .. تقدَّم الجميعَ ويدُه على السكِّين في حزامه حتَّى وقف أمام رجاء وهو يلهث بصعوبةٍ ليلتقط أنفاسَه. أما الشاب المُتعلِّق بحنان فقد تراجع عنها خوفاً من بطش صلاح الذي راح يهتف مبهُوراً:
_ تراجعُوا.. تراجعُوا يا شباب.. كلُّكم ستُعاينُون الزعيم!
وقعت عينا صلاح على البطن العامرة. فنادته حنان بعذوبة:
_ صلاح يا حبيبي.. اسمعني.. اسمعُوني جميعاً يا ماما. إنَّ الزعيمين الزوجين قد اتَّفقا على بعض الأمور..
فتساءل صلاح كالمُتوجِّس:
_ بعض الأمور؟
_ نعم.. للزواج أحكام.. إنَّ حركة فضَّاحي المُعيَّن ستُحَلُّ!
وتهتزُّ حنانُ بضحكٍ مكتومٍ وتقول:
_ قال خليل للمُعيَّن غاضباً- في معرض حديثهما عن حياتهما المُشتركة: كيف تكون لي زوجاً ويلحق بكَ آلافُ الفضَّاحين؟!
يُردِّد صلاح كأنَّما يخاطب نفسه غيرَ مُصدِّق:
_ حركة الفضَّاحين ستُحَلُّ؟.. (ثم رفع وجهه إلى حنان عابساً وأضاف بصوتٍ فظيع).. كُرمَى لخُصيتَي خليل!
اهتاج الجمهور....
بدا أنَّ الأمَّ تفهَّمت ما يُعانيه صلاح. فقالت له في إشفاق:
_ يا ماما. لا تحزن. إنَّ المرحلة المُقبلة تحتاج حركةً جديدة. ثم إنَّ المناضلة رجاء ترغب في اعتزال العمل السياسيِّ.
وسْطَ هُتافات الجمهور المُعترضة أرفع عينيَّ الذاهلتين إلى رجاء. فتلتقي عينانا طويلاً قبل أن تُسبِل جفنَيها مؤكِّدةً. ويعترض صلاح:
_ ولكن..
تقاطعُه رجاء قائلةً تُخاطب الجمهُور كالمُتعَبة:
_ يرغب الزعيم في الإخلاد إلى الراحة.. وهو يشكركم على حضوركم لاستقباله..
ثم تراجعتْ قليلاً وهي تحتضن حنانَ بين يديها، واستدارت لتدخل البيت- تتبعُها عزيزة تُهرول مُبتعدةً في خِفَّةٍ ورِدفاها في بنطلون الجِنْز يتراقصانِ إذ تقول لي: طُقَّ ومُتْ.. طُقَّ ومُتْ! يا لها من عجيزةٍ قلابة! هي سعيدةٌ لا ريبَ بافتضاحها من آنٍ لآخَر في وجُوه مَن بقِيَ من مُحبِّيها السابقينَ إذ يلومُونها على هجرانهم- قائلةً لهم في تحدٍّ: عُضُّوني!
استدرتُ أمشي مُتثاقلَ الخُطى وراء المُنصرفين إلى بيوتهم. فاستوقفتني رجاء مُناديةً بلهجة رقيقة:
_ جميل.. يا جميل!
فالتفتُّ إليها في الحال ولمَّا تُتِمَّ النُّطقَ باسمي. فرأيتُها واقفةً عند باب البيت. فقالت مُستبشرةً:
_ المُعيَّن يُريد أن يراك!
سمع صلاح نداءها- وكان منِّي غيرَ بعيدٍ، يتحدَّث إلى بعض قُدامى الفضَّاحين. فرجع مُتألِّقَ العينين بالحماس. فقالت له رجاء:
_ وأنت يا صلاح.. تعال!
وسبقتنا إلى الحمَّام.
تبادلتُ وصلاح نظرات الاستفهام. ولعلَّه مثلي شعر بالرَّهبة من الزعيم، رهبة أعادتنا إلى يوم لقائنا به أوَّلَ مرَّة.
على عتبة الحمَّام، إزاء الباب الأكُردِيُونيِّ المُغلَق، وقفنا أنا وصلاح مُتردِّدَين. مددتُ يدي فنقرتُ على الباب بخفَّة. توقَّعتُ أن يصيحَ بنا المُعيَّن مُوبِّخاً: "هلا انتظرتُماني خارجاً ريثما أضع عليَّ الملاءة!". وأمسكتُ ذراعَ صلاح إذ مدَّها ليقرع الباب مرَّةً أخرى. غيرَ أنَّ البابَ فُتِحَ ربعَ فتحةٍ أطلَّ منها وجهُ فوزي مُستطلعاً! وما إن رآنا حتَّى حوَّل عنَّا عينيه، ثم فتح الباب عابساً. زمجر صلاح غاضباً. ودخلنا وفي نيَّتي ألا أنظر بتاتاً في وجه ذاك الشاذِّ.
كان بُخارُ الماء يملأ جوَّ الحمَّام، ورائحةُ الصَّنوبر الصِّناعيَّة تُعطِّره. ولمَّا انقشع البُخارُ تراءى لي المُعيَّن يقتعد كُرسيَّ المرحاض- عن جانبَيه غاضبةُ وراضيةُ مُتباعدَتين مُبتلَّتين. وكان حاضراً الاجتماعَ عزيزةُ- مُنفرجةَ الرِّدفين فوق ثُغرة المرحاض، مزمُومةَ الإست في تحفُّظ، وحنانُ- مُتكوِّرةً مُسترخية، فوق سُرَّتها الجميلة وشمٌ مُقوَّس، وناهدٌ وكاعبٌ- مُشرئبَّينِ مُتحفِّزَينِ عليهما قطراتُ الماء كالنَّدى على إجاصتين يانعتين. رجاء حضرت بالطَّبع. ولكنَّها كانت كالغائبة- شأنها كلَّما افتضح المُعيَّن.
كان شعرُ الزعيم قصيراً قد نبتَ بعد حلاقةٍ قريبة.. ولكنْ ما بالُه مُطبِقاً أشفاره، صامتاً! ولسببٍ ما ذكرتُ خليلاً الحفَّار. هل..؟ نظرتُ إلى صلاح في جَزَع. فانفعل إذ فهمَ مبعثَ جَزَعي. والتفتَ بحدَّةٍ إلى فوزي الواقف عند الباب وقد أغلقه وراءنا.. ثم تحرَّك كأنَّه يهُمُّ بإطباق يديه على عُنق الخائن المُجرم.. إذا بالمُعيَّن يسألنا في هدوء الواثق:
_ ماذا ظننتُما؟
انفرجَ المُعيَّن للقائنا- كعادته في الأيَّام الخوالي. فأفرخ رَوعي. غيرَ أنَّني شعرتُ بشيءٍ من التحفُّظ في انفراجه. ثم أشارَ إليَّ بالجلوس على كُرسيٍّ خشبيٍّ قُبالته كان مُلقًى على مسنده مِنشفةٌ بيضاء، وعلى مقعده كيلوتات مُختلفة الألوان والتصاميم. نحَّيتُها جانباً وأنا أقول في نفسي بحزن: يرتديها لخليلٍ الحفَّار في لقاءات المُغلقة! ثم جلستُ مُغالباً تأثُّري. أمَّا صلاح فاقتعد من تلقاء نفسه حافَّةَ المغطس الطافح ماءً ورغوةً- إلى يسار كُرسيِّ الزعيم. خاطبني المُعيَّن قائلاً بنبرته الحارَّة الزَّلِقة التي طالما استعبدتني قديماً:
_ أنت تعرف يا جميل تعلُّقي بك، ولكنْ قد جَرَفك الشأنُ العامُّ بعيداً عنِّي. لم أعُدْ أراك إلا نادراً. وإذا عُدتَ إليَّ- بعد هجرانٍ مديد- عدتَ مُنهَكاً؛ ما إن تضع رأسَك على الوسادة حتَّى تروحَ في نومٍ عميق.. إلا إذا كنتَ مُلتهباً بالحماس للأحداث الجارية في الشارع. فإنَّك إذ ذاك تقضي الليلَ وأنت تُحدِّثُني عن وقاحة فلانٍ وقلَّة حياء علانٍ- من غير أن تسمع ماذا عندي لأقوله لك!
كان الزعيم على حقٍّ. ولكنَّني قلتُ مُكابراً:
_ شغلتني الوقاحة!.. ثم إنَّ كلَّ ما فعلتُه كان للصالح العامِّ. وأنا..
فقاطعني المُعيَّن صارخاً بحدَّةٍ ارتفعت لها غاضبة وراضية معاً، وترجَّح ناهدٌ وكاعب:
_ وهل من الصالح العامِّ أن تخصيَ الناس؟
باغتني الزعيمُ بسُؤاله. فارتبكتُ لا أدري ماذا أقول. والتفتُّ إلى صلاح الذي كان يُحملق في الزعيم مُتوجِّساً. فأدرك ما تعنيه التفاتتي. وصاح يُدافع عن نفسه:
_ أنا كنتُ أنفِّذ تعليمات جميل!
فأجبتُه بالحدَّة نفسها:
_ بل ركبتَ رأسَك وجررتَني وراءك فورَّطتَني!
راحت غاضبة وراضية تهتزَّان في حركةٍ عصبيَّةٍ- وهي عادتُهما إذا استشعرتا في الزعيم توتُّراً وقلقاً. فسكتنا. غيرَ أنَّ المُعيَّن قال وشِفراه الصغيران يرتعشان غضباً:
_ والمذهبيَّة التي انجرفت إليها حركة الفضَّاحين حتَّى قال خليلٌ الحفَّار عنِّي- في جولةٍ له على الفُرُشِ العربيَّة- إنَّني الزعيم المذهبيُّ "الذي بَنى زعامته على تلالٍ من خُصانا"!
فعاد صلاح يصيح مُدافعاً عن نفسه:
_ إنَّه خليلٌ الحفَّار الذي نَعَظَ للفتنة، وأمرَ بختان نسائنا. فهل أبظارُهنَّ أرخصُ من خُصى صبياته؟
انطبقت غاضبة وراضية على الزعيم بسرعةٍ كأنَّما تحميانه من خطرٍ داهم. فلاذ صلاح بصمتٍ مُتحرِّج. وتململ فوزي في وِقفته عند الباب، ثم قال لصلاح بخشُونة:
_ أنت في حضرة الزعيم. لا تنسَ ذلك!
أوشكتُ أن أقول له مُتهكِّماً: "زعَّمناه سويَّةً!". ولكنَّني أمسكتُ لسانيَ أن أجرحَ المُعيَّن. وأعرضتُ عن فوزي باشمئزاز. أمَّا صلاح فلحظتُ أنَّه يبذل جهداً واضحاً لكبت انفعاله.. وعندما انفرجت الفخذان- رويداً رويداً- عن المُعيَّن كان شِفراه الكبيران مُنتفخين مُحمرَّين.. وخاطب صلاح بهدوء قائلاً:
_ إنَّك تعرف يا صلاح طريقتي في الردِّ على الوقح. وهي أن أفتَضِحَ في وجهه لأفضحَه وأُخجِلَه، فيذبُلَ إذ ذاك وينكمشَ- من غير حاجةٍ لخِصاء.
فقال صلاح يُكرِّر عقيدته الراسخة التي اكتسبها من احتكاكه المُباشر بالوقحين في الشارع:
_ ليس مثل الخصاء قاطعاً لدابر الوقاحة!
انقبضت حنان بغتةً، لمغصٍ اعتراها رُبَّما مِمَّا ينتاب الحوامل عادةً. فكففنا عن الجدال. المُعيَّن نفسُه زمَّ شِفرَيه الصغيرين في قلقٍ كأنَّه يتحسَّب لطارئ. ووضعت رجاء يدَها تحت سُرَّة حنانَ تُداريها في لهفةٍ وتعاطُفٍ، فانتبهتُ إلى شعار الوشم المُقوَّس فوق السُّرَّة: "الافتضاحَ للبطن في وجُوه تجَّار الأغذية المُنتهية الصَّلاحيَّة".. ستكون حنانُ خيرَ ظهيرٍ لوزير الزراعة جميل الحاجِّ حسن في فضحهِ مُستورِدي القمح المُتعفِّن والبُنِّ.. وعادت حنان للاسترخاء. فاسترخت معها أعصابُنا. ورفعت رجاء يدها وهي ترمقني بنظرةٍ ذات معنى. تطلَّعتُ في عينيها مستطلعاً.. إلا أنَّ المُعيَّن خاطب صلاح قائلاً برقَّة:
_ يا صلاح.. أريد أن أقول لك شيئاً.. أنا لستُ لك. أتمنَّى أن تجد مَن يُسعدك!
نفخت عزيزة استياءً، أو ربَّما لتلفتَ الماكرةُ انتباهَ صلاح. ففاح في جوِّ الحمَّام بخرُها المعروف عنها. ولكنَّ صلاح بدا كالمصعوق. تحطَّم بأسُه الشديد. وترنَّح في جِلسته حتَّى خفتُ أن ينقلب في المغطس المملوء ماءً. ثم تمالك. فوقف شادَّاً على أعصابه. واتَّجه إلى الباب الذي سارع فوزي ففتحه واسعاً! حدجه صلاح بنظرةٍ لو كان بالشابِّ شيءٌ من حياءٍ لدفن نفسه حيَّاً.. ولكنَّ الشماتة ارتسمت في وجه فوزي كأقبح ما تكون الشماتةُ حتَّى أيقنتُ أنَّ صلاحاً سيقتله.. وإذا بالزعيم المُعيَّن يقول في استرضاء:
_ سنظلُّ أصدقاء يا صلاح.. أليس كذلك؟
التفتَ صلاح إلى الزعيم مُتعجِّباً. فأضاف المُعيَّن قائلاً بهدوء:
_ أمَّا أنتَ يا فوزي فاذهبْ- لا رأيتُ وجهكَ بعد اليوم!
أُخِذَ فوزي على حين غرَّة. والتفت إلى الزعيمُ مُتسائلاً. فقال المُعيَّن وهو يلوي أشفارَه في ازدراء:
_ اذهب وابنِ الملهى الذي تحلم به بالأموال التي تقاضيتَها لقاء بيعي لخليلٍ الحفَّار!
حاول فوزي أن يقول شيئاً. غيرَ أنَّ المُعيَّن سأله:
_ أظننتَ أنَّني لن أعرف سرَّك أيُّها القوَّاد؟ لقد وَشْوَشَني به زوجي خليلٌ في أوَّل حديثٍ لنا على الوِسادة- طالباً منِّي الصَّفحَ، مُتعلِّلاً بالحُبِّ..
طأطأتُ رأسي إزاء الزعيم مُؤنِّباً نفسي على سُوء ظنِّي به.. ثم تمتمتُ مُعتذِراً:
_ قد ظلمتُك فسامحني يا..
احتبست الكلماتُ في حَلقي إذ لمحتُ بالأرض خُصيتين داميتين تدحرجَتا على البلاط الأبيض حتَّى اصطدمتا بأسفل كُرسيِّ المرحاض!
صرخت رجاء صرخةً، فصرخةً، فصرخةً. وترنَّحَ ناهدٌ وكاعبٌ مادَّينِ حلمتَيهما في انشداه. وانقبضت حنان. وانضمَّت غاضبة وراضية على المُعيَّن. وشدَّتا عليه في عصبيَّةٍ وارتعاش..
·    جميل.. يا جميل! سأخرج حالاً. أدِر التلفاز..

كانت هذه الحلقة 29.تليها الحلقة 30 الأخيرة: في ميدان التحرير بالقاهرة "النساء يُرِدنَ إلغاء الخِتان"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق