الأربعاء، 14 ديسمبر 2011

الحلقة 27: غابي أشكينازي، البطل في اختبارات الفحولة الإسرائيلية، تطارده الأشباح

انتقلتُ بآلة التحكُّم النائي إلى قناة المنار فإذا السيِّد حسن نصرالله يقول في ذكرى استشهاد الحاجِّ- مُخاطباً الزعران الإسرائيليِّين:
_ الحاجُّ عماد مُغنيَّة خلَّف لنا ألفَ عماد مُغنيَّة!.. (ثم قال يطرح السؤالَ الذي شغل الناس).. العالم يتساءل: متى ينتقم الستَّارون لقائدهم الميدانيِّ؟.. (ويُجيب).. لا يستعجلْنا في الردِّ أحد. الإسرائيليُّ خائفٌ قلِق. دعُوه خائفاً، تُطاردُه الأشباح.. (ثم يُصارحُنا).. كان بين أيدينا عشرات الأهداف السَّهلة. ولم نُهاجمها. لماذا؟ الجوابُ بسيط.. (وتريَّث السيِّد بُرهةً).. هذا عماد مُغنيَّة الذي نطلب الثأرَ له!.. (ثم ختم بالوعد).. إنَّ دمه سيُخرج السِّرداب الإسرائيليَّ من الوجود!
سارعتُ بآلة التحكُّم إلى قناة "تلفاز الواقع" الأمريكيَّة:
غابي أشكينازي، البطل في اختبارات الفحُولة الإسرائيليَّة، يتقلَّب في فراشه، مُتعرِّقَ الوجهِ، يُحرِّك يديه كأنَّه يدفع عن نفسه عدوَّاً.. ثم يصحُو بصرخة ذُعرٍ مُدوِّية. ويجلس وهو يلهث بعُنفٍ مُتحسِّساً رقبته..
_ ما بك يا خبيبي؟
جاءه الصوتُ من جانب. ففزِع إلى زوجته الراقدة تحت الغطاء. أماط عنها الشَّرشف يُريد أن يبُثَّها كابوسَه. فإذا تحته لا شيء!.. وتتراءى يدانِ مُقفَّزتان بالأسود تقتربان من رأس غابي، وتقبضانِ عليه: واحدةٌ تشُدُّه من شعره مُرجعةً رأسَه إلى الوراء، والأخرى تحُزُّ رقبته بسكِّينٍ تُخلِّف في الجلد خطَّاً من السَّواد..
يقول مُقدِّم البرنامج هامساً بالإنجليزيَّة:
_ بلغت كاميرا الواقع من التطوُّر ما تستطيع معه تصويرَ الأشباح!
غير أنَّ البطلَ يتفلَّت من كابوسه الجديد. ويُغادر الفراشَ مُولوِلاً. ويفتح بابَ حُجرة النوم ليجد نفسه في الشارع العريض المُقفر، يُضيئه فانوسٌ كهربائيٌّ وحيد، على عموده المعدنيِّ تنبت زهرةُ المُعيَّن مُتوهِّجةً بالحُمرة الفضَّاحة.. وتتراءى مرَّةً أخرى تانك اليدان. ثم يتخبَّط غابي بيديه ورِجليه: يدٌ تقبض على شعره، والأخرى تحُزُّ رقبته حتَّى يتفجَّرَ الدَّمُ الأسود..
_ ما بك يا خبيبي؟
ويصحُو البطل في الفراش جاهداً في التقاط أنفاسه. ولكنَّه لا يلتفت إلى مصدر الصوت بجانبه. بل يتعجَّل مُغادرةَ الحُجرة مُولوِلاً.
تنضُو المرأة الشَّرشفَ عن وجهها. فإذا هي رجاء تُشيِّع الرجُل بنظرة تشَفٍّ!
يركض غابي ويركض حتَّى يجد نفسَه في ميناء حيفا تكاد الباخرة الإنجليزيَّة- التي حملت منذ هُنيهةٍ والدَيه إلى الأرض العربيَّة- ترفع المرساة. يصرخ غابي بالقُبطان الأعور- على عينه المُصابة جِلدةٌ سوداء:
_ أعِدني إلى أزِقَّة بلغاريا يا أبي!
ويقذف بنفسه في البحر..
  
وعلى قناة أخبار المستقبل كان فارس سعيد- الأمين الخاص للحُجرة 114 بفُندُق فينيقية- يدعو اللبنانيِّين إلى إحياء الذكرى الخامسة لاستشهاد الشيخ رفيق الحريري..
ولكنَّ العميد المُرابط مصطفى حمدان يقول على قناة الجديد:
_ استبعدوا عنها سمير جعجع كي تكون المناسبة طبيعيَّة!
وهذا الشيخ محمَّد أبو القطع يُوصي قناة المنار من طرابلس بإبعاد شخصٍ آخَر هو المُهرِّج ميشُه:
_ ما علاقة ميشُه شُوه بذكرى استشهاد رفيق الحريري؟!
أمَّا وليد جنبلاط فقال لتلفزيون لبنان:
_ سنذهب جميعاً لإحياء ذكرى الشهيد، ونضع زهوراً وأكاليلَ على ضريح الرئيس الراحل..

قناة المنار تعرض من تاريخ الجنوبيِّين المُشرِّف تسجيلاً لعمليَّةٍ نوعيَّةٍ أجهض بها الستَّارون مُحاولةً من محاولات اغتصاب المُعيَّن المُتكرِّرة إبَّانَ احتلال الزعران للجنوب.. كانت الكاميرا تترجَّح في يد المُصوِّر الميدانيِّ وهو يركض- على ما يبدو- وراء الرجال في ارتقائهم تلَّة سُجُد- على ما يقول المُعلِّق جهاد الأطرش. كانوا يرتدون اللباسَ المُموَّه الذي يُخفيهم عن عيون الزعران القابعين على قمَّة التلَّة- دونها زُجاجات الوِسكي المُكسَّرة، والملابس التحتيَّة الرجاليَّة المُتَّسخة، والمحارم الدامية.. وترتفع الكاميرا إلى الأعلى. فتلتقط صورةً للعلم الإسرائيليِّ يُرفرف بوقاحةٍ فوق التلَّة الجنوبيَّة:
بين سَوطينِ أسودينِ ممدودينِ بالعرض على خلفيَّةٍ زرقاء يتقاطع لوحانِ أسودانِ عريضانِ على هيئة علامة الضَّرب الحسابيَّة، وقد تشكَّل عند تقاطُعهما مُعيَّنٌ لوَّنَه حافِرو السِّرداب الإسرائيليِّ بالأحمر- ادِّعاءً لانتساب المُعيَّن إليهم، وإنكاراً لعربيَّته.. بلغ الرجال القمَّة- أيديهم على مقابض سيوفهم في أغمادها.. وخفَضَ الحاجُّ عماد يدَه أن اهجُموا. فاقتحم الرجالُ وكر الدعارة- شاهرينَ السُّيوف:
_ ألله أكبر!
كان الزعران يهُمُّون بالمُعيَّن. لكنْ- بتدبيرٍ من المُخرج الذي موَّهَ اللقطات الجريئة- لم أرَ منهم سوى ظهورِهم العارية، وأفخاذِهم وهم يتقلَّبون بحركاتٍ محمُومةٍ في الفراش..
كانت هذه الحلقة 27.تليها الحلقة 28: توصيلة سَندويشات إلى عَوكر

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق