الجمعة، 25 مارس 2011

في وجهك يا وقح، الحلقة7: الوقاحة السياسية على المنابر تتجسّد في إحليل

·    آخ!
_ ماذا بكِ؟
·    أحرقتني سُخونة الماء!
_ القازان حامٍ. فحاذِري..


أحترمُه مستُوراً تحت الكيلوت.
ولا تحفُّظَ لي عليه إنْ هو برزَ في مرحاضٍ ليبولَ، أو في حمَّامٍ ليغتسل.
ولا شأنَ لي به إذا نعظَ في حُجرة نومٍ لنُكاحٍ أو نزوة.
حتَّى لو ظهرَ في الأفلام الإباحيَّة تُشاهدُه العامَّة لا اعتراضَ لي على وقاحته.
أمَّا أن ينتصِبَ إحليلٌ على مِنبرٍ سياسيٍّ ليُشعلَ الفتنةَ في الشارع اللبنانيِّ- فتلك وقاحةٌ لا تسكتُ عليها حركتُنا، حركة فضَّاحي المُعيَّن في وجوه الوقحين!


بدا الأمرُ في بدايته أشبهَ بدُعابةٍ فاجرة أو نُكتةٍ مكشوفة. ففي برنامج "صالون السبت" سألت السيِّدة وردة رفيقَنا السابق فوزي، رئيس حركة "عزيزة أوَّلاً"، تعليقَه على المُعيَّن "الوجه الجديد على اللبنانيِّين سياسيَّاً، والفلسفة الغريبة على المواطنين افتضاحيَّاً، والحركة العجيبة على الناشطين حركيَّاً"- بأسلوب السَّجع الذي تعتمدُه الإذاعيَّة الشهيرة. أجابها فوزي بعباراتٍ يعمل على اكتسابها واستعمالها:
_ لم أتوقَّع يا ست وردة أن يبلغ جميل وصلاح- وهما صديقان عزيزان، هذا المستوى من الوقاحة بأن يُخرِجا فرجَ صاحبتنا المُحترمة رجاء من حياتها الجنسيَّة الخاصَّة فيجعلا منه شخصيَّةً عامَّةً في حياتنا السياسيَّة اللبنانيَّة.
فقالت وردة ساخرة:
_ ويدَّعيانِ مواجهةَ الوقاحة.. (ثم سألته تحثُّه على التواقُح).. وما ردُّك يا أستاذ فوزي على.. على المُعيَّن، كنَّوا عنه "بالمُعيَّن" ليس كذلك؟
فما كان من فوزي إلا أن أجابها باللغة المُبتذلة التي كنَّا نتخاطب بها في الشارع على عهد صبانا:
_ سأجعل من إحليلي شخصيَّةً سياسيَّة!
ضحكنا أنا وصلاح في الحمَّام نستمع إلى إذاعة صوت لبنان على الشبكة العنكبوتيَّة الموصول بها حاسوبُنا المحمول. رجاء أيضاً ابتسمت في المغطس وهي تُداعب بأصابعها المُعيَّن بين فخذيها. ولكن لمَّا كان مساء الأربعاء التالي راعَنا مالك مكتبي في برنامجه العجيب بجُرأته "أحمر بالخطِّ العريض" إذ استضاف "شخصاً معروفاً حتَّى الابتذال لكنَّه يلعب الآن دوراً استثنائيَّاً"- كما قدَّمه للمُشاهدين بكلماته المُنتقاة. ثم تركَّزت كاميرا المؤسَّسة اللبنانيَّة للإرسال على ذلك "الشخص": كان مُلتفَّاً في إهابٍ مطَّاطيٍّ أبيضَ غيرِ شفَّاف، مُلتصقٍ التصاقاً بعُوده الطويل الذي ينتصب في شيءٍ من ثخانةٍ تنتهي برأسه المُستدِقِّ.
تمتم صلاحٌ في براءة:
_ مَن تُراه يكون؟
الحقُّ أنِّي عرفتُ الشخصَ المُتخفِّي من الوهلة الأولى. بيدَ أنِّي لبثتُ أكذِّب ظنِّي حتَّى هتفت رجاء وهي تضُمُّ فخذَيها واضعةً راحتَها على فمها في حياء:
_ إنَّه إحليلُ فوزي!
انتفض صلاحٌ على كُرسيِّ التَّشطيف يصيح كالملدوغ:
_ ماذا تقولين يا مجنونة؟
وسأل مالكٌ ضيفَه المُقنَّع:
_ ما اسمُك؟
فأجاب الشخصُ بصوتٍ أنفيٍّ مكتومٍ بالإهاب المطَّاطيِّ أو ربَّما بتدبيرٍ من هندسة البرنامج:
_ خليلٌ الحفَّار!
صفَّق الحضور الجالسون بالأستديوه كعادتهم في تشجيع كلِّ وقحٍ يبرز في التلفاز.. وعاود صلاحٌ الجلوس على كُرسيِّه ولمَّا تُزايله الصدمة يُدمدم:
_ الوقح ابنُ الوقح!
قال مالكٌ في وِقفته الخفيفة يُخاطب خليلاً الخفَّار:
_ أسألك أوَّلاً لماذا قبِلتَ الظهور في برنامجي وقد قبعتَ كلَّ تلك السنوات في الكيلوت، كما همستَ لي تحت الهواء. فماذا استثارك اليومَ حتَّى اتَّخذتَ قرارك بالبُروز؟
قال خليلٌ مُصحِّحاً:
_ لستُ أظهر تماماً. بل أصررتُ على التخفِّي بالواقي الذَّكريِّ مُحتفِظاً بشيءٍ من حياء. أمَّا غيري فلا حياء له!
_ مَن تقصد بكلامك؟
_ يعرف اللبنانيُّون مَن أقصد..
_ المُعيَّن؟
اعتصم خليلٌ الحفَّار بالصمت. لكن سرعان ما فضحته استجابتُه الطبيعيَّة لدى سَماعه باسم غريمه: ازدادَ استطالةً وثخانةً حتَّى بانت عُروقُ جِذعهِ الزرقاء من تحت النَّسيج المطَّاطيِّ.. وقال له مالكٌ يُحرِجُه كما يبدو ليُخرجَه:
_ لكنَّ المُعيَّن لم يفتضح بعد. بل اتَّخذ لنفسه رمزاً هو المُعيَّن الأحمر، الشكل الهندسيُّ المعروف، يظهر عنه بالنيابة. وفي صورة الآنسة رجاء على موقع حركة الفضَّاحين يبقى المُعيَّن تحتَ الكيلوت. أليس كذلك يا خليل؟
أجاب خليل بصوته المكتوم:
_ حسبُه أنَّه أعلن نيَّتَه الافتضاح!
ردَّدَ مالكٌ كالمُستهزئ:
_ نيَّته!
يضجُّ الأستديوه باللغط. فيدعوهم مالكٌ إلى الهدوء للاستماع لشرح خليل الذي عاد يقول:
_ في مجال الإغراء يا أستاذي الكريم، إعلانُ نيَّة الافتضاح كافيةٌ وحدَها لإشعال الفتنة. ولعلَّ توقُّعَ الافتضاح يكون أكثر إثارةً من الافتضاح نفسه!
يُصفِّق الحاضرون بالأستديوه مُؤيِّدين للحفَّار في كلامه. فيلتفت إليهم مُضيفُهم يسأل إن كان أحدٌ يودُّ أن يطرح سؤالاً على الضيف وراء الواقي. فيرفع بعضُهم إصبعه. ثم يُمَرَّر المذياع إلى رجُلٍ أجلح ذي شاربٍ كثٍّ. فيُرحِّب به مالك مكتبي ويسأله عن اسمه ويستعجله في طرح سؤاله. فيقول الرجل:
_ اسمي حسن صبرا. إنَّ المُكنَّى عنه بالمعيَّن ما هو سوى داعرٍ يعمل لحساب القوَّاد الإيرانيِّ في المباغي اللبنانيَّة! أمَّا عزيزة فهي العجيزة المُدلَّلة للنادي الأمريكيِّ الصديق، مَن أحَبَّها..
يُقاطعُه مالك:
_ سؤالك يا حسن؟
فيقول حسنٌ وقد أحسَّ بضيق الوقت المُتاح له:
_ سؤالي للأستاذ خليلٍ الحفَّار: هل تحبُّ عزيزة؟
يتردَّد خليلٌ في الإجابة قليلاً. ثم يقول بصوته المُشوَّه:
_ بالطبع أحبُّها!
تعود الكاميرا إلى وجه مالك. فيفتح عينه واسعةً ويسأل المُشاهدين:
_ هل تعتقدون خليلاً الحفَّار شاذَّاً؟ وما هو الشذوذُ وما هي الطبيعيَّة؟.. (ويبتسم ابتسامته الحُلوة ثم يقول مُختتماً الحلقة).. نُجيب على هذه الأسئلة في الحلقة القادمة من "أحمر بالخطِّ العريض".. تُصبحون على خير.
وأصبح اللبنانيُّون على خليلٍ الحفَّار!
اختلفُوا بين مُستهجنٍ لظهوره هكذا يسُبُّ مالكاً وبرنامجَه، ومُؤيِّدٍ يُطالب مالكاً باستضافته في حلقةٍ أخرى من غير واقٍ ذكريِّ. واللافتُ في آراء اللبنانيِّين بخليلٍ الحفَّار- وهم مُسيَّسون حتى العظم- أنَّ لها خلفيَّاتٍ سياسيَّةً واضحة بل طائفيَّة ومذهبيَّة. انعكس ذلك سريعاً في تلقُّف وسائل الإعلام للمسألة. على قناة المنار، في برنامج "حديث الساعة" آثرَ الأخ كمال شاتيلا المُورابة في مُهاجمة الحفَّار. لمَّا سأله مُقدِّم البرنامج عماد مرمل- الباشُّ أبداً:
_ ما قولك يا أبا ناصر في خليل الخفَّار؟
فأجابه الرجُل:
_ كل مُن يُحبُّ عزيزة فهو شاذٌّ!
ازدادت ابتسامة عمادٍ اتِّساعاً وهو يقول:
_ وخليلٌ الحفَّار يُحبُّ عزيزة كما..
·    جميل.. يا جميل!
كانت هذه الحلقة السابعة. تليها الحلقة الثامنة: "طحقيق" فارس خشَّان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق