الخميس، 17 مارس 2011

في وجهك يا وقح، الحلقة4: رستم غزالة يجلد العجيزة بالسلك الكهربائي وهو يسألها: تسبّين الأسد؟

·    جميل.. يا جميل!
_ ماذا؟
·    لعلَّكَ نمت؟
_ لا!
الليلة الأولى في الخيمة كانت سُهاداً حتَّى مطلع الفجر. ثم جاءني صوتُ صلاحٍ من على فراشه الإسفنجيِّ إلى جانبي:
_ ما بك قلقاً؟

فأجبتُه بصراحة:
_ أفكِّر في رجاء.
فقال صلاح ساخطاً:
_ وليد هو الذي غرَّر بها، وانقلب علينا.. الحقُّ أنِّي شككتُ منذ البداية في إخلاصه للمُعيَّن، وشعرتُ بميله لعزيزة!
قلتُ وأنا أجلس في الفراش وأتناول هاتفي الخَلَوِيَّ:
_ ذلك لتأثُّره- على ما يقول- بما قاسته عزيزةُ على يد خالها السُّوريِّ رُستُم غزالة.. تفرَّجْ يا صلاح على التَّسجيل الذي بعثَه إليَّ في تلفوني غازي عاد- بإيعازٍ من وليدٍ على الأرجح- من خيمته المُجاورة التي يعتصمُ فيها أمام مقرِّ مجلس حُقوق النِّسوان- مُطالباً باعتبار الساديَّة السُّوريَّة انتهاكاً لحقِّ المرأة اللبنانيَّة.
التَّسجيل بعُنوان "قبو عنجَر". ويُظهر رستُم غزالة وهو يدخل- باللباس العسكريِّ- قبواً مُضاءً باللمبات المُتدلِّية، في يُمناهُ سِلكٌ كهربائيٌّ مجدول!
عابساً دخل يشُدُّ السِّلكَ بيديه. تقدَّم بجبينٍ واسعٍ يلتمعُ بالعرق. فتباعدَ العساكرُ حتَّى بانت عزيزة.
شهقَ صلاحٌ من وقع المُفاجأة.
كانت عزيزة محصُورةً بالإكراه في دُولابٍ سيَّارة مُتدلٍّ بحبلٍ من السَّقف- رِدفاها الدَّسِمَان مُحمرَّا الإليتينِ من صَفعٍ ربَّما أو احتقان دمٍ.. تمتم صلاح مُنكراً:
_ لا!.. (ثم قال في عطف).. أيُّ هوانٍ نزلَ بالقاصر!
ومدَّ الساديُّ يدَه فقرصَ عزيزةَ في رِدفها وهو يَسألها في وعيد:
_ تسُبِّين الأسد؟
انتفضَت عزيزة- من غير أن تستطيعَ الإنكار. كيف تُنكر وفِلِّينةٌ كبيرةٌ تسُدُّ إستها الصغير؟ ها هو الرجُل الظالم يبسط ذراعَه، فيرفعها عالياً ثم يَهوي بها من الوراء على رِدف عزيزةَ بصفعةٍ مُدوِّيةٍ مُباغتةٍ.. ويرفع يده ثانيةً.. يتأرجح الدولابُ بالعجيزة المسكينة. فتمتدُّ أيدٍ حاسرةُ الأكمام العسكريَّة عن أذرُعٍ مُشعِرةٍ إلى الدولاب تُثبِّته.. وتتململُ عزيزة لتتفادى صفعةً أخرى تهبطُ على الرِّدف الأيسر.. ارتسَمَ الحنقُ في وجه الرجل الصارم واحمرَّت العينان، ثم انطبقت الشفتانِ في حزمٍ على فرقعة! إنَّه السِّلك الكهربائيُّ يلسعُ عزيزةَ بضربةٍ مُستعرِضةٍ وقعت على ورِكِها عنيفةً مُباغتة. وتتابعت فرقعاتُ السِّلك على اللحم الغضِّ تُخطِّطه بالأحمر..
_ شُكراً يا غزالة!
أصواتٌ كالرعد انفجرت بغتةً خارج الخيمة..
_ ما هذا؟
همسَ صلاح كالمُتوجِّس وهو يرفعُ رأسه عن شاشة التلفون ويتسمَّع. لم ننتبِهْ حتَّى تلك اللحظة إلى أنَّ النورَ كان انخفضَ بالخيمة كأنَّما غشِيَها ظلام.. التفتنا في جَزَعٍ نحو السِّتار المُسدَل على مدخل الخيمة. وترامى من الخارج وقعُ أقدامٍ عديدة.. نظرتُ إلى صلاح كأنَّني أستنجد به.. لعلَّه كان خائفاً هو أيضاً. إلا أنَّ نظرتي استنفرت فيه شجاعته المعهودة. فانتفضَ قائماً. ثم خرج وأنا في إثره.
الستَّارون تخلَّلوا الخيامَ فملأوا الساحة، رافعينَ لافتاتٍ كتبُوا فيها: "شكراً يا غزالة". وكان بينهم مَن يُلوِّح براية السيف الأخضر الشَّهيرة.. همستُ في أذُن صلاح:
_ كان حدَّثني أمسِ وفيق صفا- المسؤول عن أمن مخازن الشادُورات بالضاحية- لمَّا اجتمعتُ به في خيمة الستَّارين- عن سُخط السيِّد حسن نصرالله من تنكُّر الأكثريَّة لرستُم غزالة..  
فقال صلاح مُعترضاً:
_ ولكنَّ غزالةَ كان ساديَّاً ظالماً!
فأجبتُه قائلاً بموضوعيَّة:
_ لا ينسى له السيِّد أنَّه يتصدَّى لمشاريع التعرية الأمريك..
·    جميل.. يا جميل!

كانت هذه الحلقة الرابعة من روايتي "في وجهك يا وقح". تليها- عمَّا قريبٍ- الحلقة الخامسة: عرُوس البقاع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق