السبت، 2 يونيو 2012

التقرير 6: عراك الصبيان على لبنان


واصَلَ الذُّبابُ طيرانَهُ بين كبيرَي صِبيانِ الشيَّاح وعين الرمَّانة، إحسانٍ وإتيانَ، في وساطةٍ حميدةٍ لمُبادلة دُودةِ القزِّ، لبنان، ''المُحفوظِ'' في جُنينة إتيانَ بالأشرفيَّة، بحشَراتِ عينِ الرمَّانة ''الرهينةِ" في مَرطَبانٍ ببيتِ أهلِ إحسانٍ بالشيَّاح.
في غُضونِ ذلك كان صبيانُ الحيَّينِ يُواصلُون التِقاطَ الحشَرات اللبنانيَّة، أو رشَّها على الهُويَّة،.. في مُحاولةٍ من كِلا الطرفينِ لتحسين شُروط تلك المُبادلة المُنتظَرة حتَّى اصطدمَ الذُّبابُ أخيراً بلوحٍ زُجاجيٍّ شفَّافٍ ارتفعَ بينَ الصبيَّينِ الكبيرَينِ بغتةً فأخفَقتْ الوساطة.
من ذلك الذبابِ سميرٌ- اللبنانيُّ من أصلٍ فلسطينيٍّ- الذي نقلَ عن إحسانٍ- في لقاءٍ لي معه بمقهى باريسَ بالحمراء- إصرارَه العنيدَ على إلغاء المارُونيَّة الحدائقيَّة والتَّمثيلِ الطائفيِّ في اختيار مُعاوِني حدائقيِّ بَعبدا- قبلِ أيٍّ بحثٍ في استعادة الحَشَراتِ المسيحيَّة. 
سألتُ سميراً وهو يهبِط حافَّةَ الفنجانِ شِبه الفارغِ ليرتشفَ شيئاً من تُفل القهوة:
_ وإتيان.. ألن يُطلقَ سِراحَ لبنان؟
فقال سميرٌ وهو يعود إلى حافَّة الفنجان- على خُرطومه الدَّقيق حُبَيباتُ البُنِّ المطحُون:
_ كلَّما اقتربنا منه في طيراننا كان إتيانُ يذُبُّنا صائحاً بنا: "إليكم عنِّي.. قولوا لإحسانٍ إنَّني لن أُسلِّمه لبنانَ وليُبلِّط البحر! أعرف أنَّه سَيَرمي به- حالَ التقاطهِ بإصبعَيه- إلى الدَّبابيرِ الفلسطينيَّة تتغذَّى به"!
حوَّمتُ فوق سميرٍ أسألُه في قلق:
_ فماذا سيحدُث؟
فقال سميرٌ وهو يطير:
_ لم يبقَ من خَيارٍ سوى الشِّجار.. تعالَ يا فسكي نتفرَّج.
طِرنا شرقاً.. ها هم الصِّبيانُ مُتمترِسينَ وراء أكياسِ رملٍ مُكدَّسة، مُتقابلينَ عن جانبَي طريقِ صيدا القديمة الفاصلةِ بين الشيَّاح وعين الرمَّانة، حامِلينَ الحصَى والنُّقَّيفات والمَقالع- بالإضافة إلى رشَّاشاتهم الحشريَّة التي صارَ ولعُهم بها احتِرافاً إثرَ إنشاءِ إتيانَ "شركةَ الصحَّة العامَّة اللبنانيَّة"، وإحسانٍ "الحركةَ الحدائقيَّة اللبنانيَّة".
قال سميرٌ وهو يُوقفُني في الجوِّ مُشيراً بقرنَيه الدَّقيقينِ إلى الأكياس:
_ رأيتُهم أمسِ يَستحمِرُون بعضَ الناس في نقلها.
وكان الكِبارُ من اللبنانيِّينَ يَسعَونَ لشُؤونهم اليوميَّة غيرَ مُلقينَ بالاً إلى الصِّبيان اللاعبين..
_ ك.. أختك!
سِبابٌ بذيءٌ أطلقه صبيٌّ أطلَّ برأسهِ من وراء مِتراسهِ مُتوجِّهاً إلى صبيٍّ آخرَ في الحيِّ المُقابل..
لم يتأخَّر الردُّ على الصبيِّ:
_ ك.. أمك!
قال سمير مُتشائماً:
_ ها هي الكلماتُ التي تستنفِرُ عادةً الوحُوشَ الكامنةَ في نفُوس صبيانِ الحديقةِ اللبنانيَّة.
حوَّمنا فوقَ المتاريسِ ونداءاتُ أهالي الصِّبيانِ في الشيَّاح وعين الرمَّانة تتجاوبُ وهم يهتفون من الشُرفات بحرارة:
_ اطلع إلى البيت يا إحسان!
_ اطلع يا إتيان!
لكنَّ الصِّبيينَ هزَّا أكتافَهما بحركةِ رفضٍ وعنادٍ. وسَرعانَ ما بدأ التراشُقُ بالحصى بين الحيَّين. فقال لي سميرٌ آخذاً برِجلي الأماميَّة على عجَل:
_ تعال نختبئ يا فِسكي.
نزلنا في أسفل بنايةٍ ملجأً مُظلماً ثقيلَ الهواء بالرُّطوبة ورائحة العَطَنِ والمجارير.. جعلنا نطِنُّ في شِبه العتمة تحتَ السَّقف الواطئ نتفقَّد الأركانَ والزوايا.. وهمستُ لسميرٍ:
_ ما بالملجأ سوى صراصير!
فأجابني بتهكُّمٍ مُرٍّ:
_ وهل ينزِلُ إلى هنا سوى الصَّراصير؟
ولعلَّ تهامُسَنا أرعشَ قرنَي الاستشعار لدى صُرصُورٍ كبيرٍ على الجِدار المَعرُوقِ بمَجاري النَّشِّ المُخضرَّة. فاستدارَ نحوَنا مُستقبِلاً إيَّانا بوجههِ المُثلَّث وهو يقول كأنَّما يعتذر:
_ شِجارُ الصبيان فيما بينَهم لَعِبٌ. لكنَّه علينا جِدٌّ ساحِق!
ودعانا أن نحُطَّ مُشيراً برِجلهِ الأماميَّة المِنشاريَّة إلى مُجسَّم سفينةٍ تجاريَّةٍ فينيقيَّةٍ مصنُوعٍ من أعواد الكبريت. فتحوَّلت إلينا، من أنحاء الملجأ، عشراتُ الوجُوه المُثلَّثة مُحرِّكةً نحوَنا قُرونَها الطويلة في شيءٍ من توجُّسٍ ونحن نحُطُّ على السَّفينة البالية المُتداعية.. وقال سميرٌ يُقدِّم نفسه ويُقدِّمُني:
_ اسمي سمير وهذا زميلي..
غيرَ أنَّ جَلَبةً ووقعَ أقدامٍ ترامت من الخارج أجفلت الصَّراصيرَ. فسارعت إلى الأركان المُعتمة حتَّى اختفت عن الأنظار. إذ ذاك قال الصُّرصُورُ الكبيرُ يُخاطبُها- وكان لازمَ موضعَه من الجِدار بجَسارةٍ- وإن ازدادَ انبِطاحاً:
_ إنَّهم صبيانُ الكبير إتيان.. لا تخافُوا!
وبعد لأيٍ أطلَّت الصَّراصيرُ تزحفُ على أرض الملجأ مُقتربةً في حذر.. فعاد الصُّرصُور الكبيرُ يقول مُتحشِّراً:
_ لن يُبيدُونا ما دُمنا مُختبئينَ هنا.
بأقصى المَلجَأ في الزاوية كان صُرصورٌ لابِداً، يُحرِّكُ قرنَي استشعارهِ الطويلينِ في جَزَعٍ بادٍ.. قال له سميرٌ مُشفِقاً:
_ لا تخفْ يا عمِّ. لن تسحَقك شحَّاطة..
لكنَّ الصُّرصُور لبِثَ مُعتصماً بالصمت. فقال عنه الصُّرصُورُ الكبير في عطفٍ وهو يتوجَّه نحونا بقرنَيه الطويلين:
_ إنَّه جائع.. هو في الأصل من المنطقة الغربيَّة جاء ليلتقط رزقَه، فعلِقَ هنا. وها هو يتضوَّر جُوعاً ولا يَجرُؤ على الخُروج للبحث عن طعام!
ودخلت علينا الملجأ فراشةُ عُثٍّ مذعورةً تتخبَّط بالجُدران.. فهتف بها الصُّرصُور الكبير وهو يستدير على الجدار يَستقبِلُها بوجهه المُثلَّث:
_ اهدَئي يا فراشة. ماذا وراءكِ؟
فقالت الفراشةُ البُنيَّة اللون ولمَّا تكُفَّ عن الرَّفرفة:
_ عائلةٌ من البقِّ.. عائلةٌ بأمِّها وأبيها وأبنائها الخمسة داسَها صبيٌّ وهو يتراجع بسُرعةٍ ليتفادى حصاةً أُلقيَت عليه!
تسلَّقت الصَّراصير جدرانَ الملجأ في فزعٍ شديدٍ حتَّى أنَّ بعضَاً منها اعتلت السَّقفَ المُتسلِّخَ الطِّلاء، وراحت تصِرُّ..
وصاح الصُّرصورُ الكبيرُ بحِدَّة:
_ أسمِعُونا يا صَراصير.. أسمِعُونا الأخبار.
ساد الصمتُ الملجأ. فتناهَت إلينا من راديوه قريبٍ المُقدَّمةُ الموسيقيَّة الحماسيَّة لنشرة أخبار "صوت الحديقة" حتَّى قال المُذيع الطنَّان:
"مُستمعينا الكِرام. أسعدَ الله صباحَكم بكلِّ خير. إليكم نشرةَ الأخبار"..
عاد الصُّرصُور الكبير يَصيحُ بالصَّراصير مُتوعِّداً:
_ لا حركة من رِجلٍ أو قرن!
أمَّا المُذيع فأنشأ يقول:
""شهِد هذا الصباحُ تصعيداً خطيراً من صِبيان الشيَّاح، استهلُّوه بإلقاء الحصَى على المنطقة الشرقيَّة من الحديقة اللبنانيَّة، انطلاقاً من مِحوَرِ كاليري سَمعان وامتداداً، على طُول طريقِ صيدا القديمة، إلى الصُّوديكوه، فالأسواق التجاريَّة والفنادق""..
علَّق الصُّرصُور الكبير يصِرُّ حانقاً- وكان الحشرةَ الوحيدَ الذي يُقاطع النشرة:
_ ذاك الوحشُ إحسان!
""وقد أغلقت المحالُّ أبوابَها وأقفرت ممرَّاتُ الحديقة ولاذَ الكِبارُ بالأدوار السُّفليَّة والملاجئ""..
فقال الصُّرصُور الكبير وهو يهُزُّ رأسه المُثلَّث الصغير في أسًى:
_ وهل لنا أن نفعلَ غيرَ ذلك؟
""وفي تصريحٍ لإذاعتنا نفَى إتيانُ أن يكون رفاقُه البادئينَ بالشِّجار- مُتَّهماً صبيانَ إحسانٍ بالمُبادرة إلى إلقاء الحصَى على عين الرمَّانة حتَّى أصابت حَصاةٌ رأسَ صبيٍّ صغيرٍ من رفاقه. وأضاف إتيانُ بالصَّوت.. (ويعلُو صوتُ كبيرِ صِبيانِ عينِ الرمَّانة في غضبٍ شديد).. ماذا يريد إحسان؟ يريد أن يُبيد المسيحيِّين أو يهجِّرهم ليُسكنَ في بيوتهم الحشرات الفلسطينيَّة!""..
شملت حركةُ هرولةٍ الصَّراصيرَ كافَّةً وهي كأنَّما تهُمُّ بمُغادرة الملجأ مذعُورةً تتصايح:
_ سيُبيدنا صبيانُ إحسان إنْ هم دخلُوا علينا المنطقة!
_ أو يضعُنا إحسانٌ في مرطَبانه ويرميه في البحر!
فصاح الصُّرصورُ الكبير وهو يهبِط إلى أرض الملجأ ويعترضُ الصَّراصيرَ في اضطراب:
_ ارجعُوا يا صراصيرُ واسمعُوا ما يقول الكبيرُ إتيانُ أو أستدعيَ الصبيانَ بنفسي ليرشُّوكم!
""لكنِّي أُطمئنُكم بأنَّ رفاقيَ في الصحَّة اللبنانيَّة يتصدَّون لإحسانٍ وصبيانه ببسالة""..
فارتفعت صَلواتُ الصَّراصير العائدة نُصرةً لإتيانَ ورفاقهِ على صبيان الشيَّاح. في حين عاد المُذيع ليقول:
_ هذا وطمأنَ الكبيرُ إتيانُ بأنَّ لبنانَ بخيرٍ في جُنينته بالأشرفيَّة..
فهمس لي سميرٌ مُعلِّقاً في تهكُّم:
_ في مارونِستان!
لكنَّ المُذيعَ ختم الجُزء الأوَّل من النَّشرة قائلاً:
_ لحظاتٌ مع الإعلان. ثم نُواصل النَّشرة.
ختامٌ موسيقيٌّ مؤقَّتٌ يعلُو بعده صوتُ فتاةٍ تقول بلهجةٍ لُبنانيَّةٍ مِغناجٍ:
// أنا أقرف منه.. شيء أسود يمشي بالأرض.. اسمُه يقشعرُّ له البدَن!
ترفعُ صراصيرُ الملجأ وجوهاً مُثلَّثةً مُتسائلةً. في حين تُواصل فتاةُ الإعلان قائلةً بغُنجها تروي قصَّتَها:
// في الحمَّام يطلع لي من البالوعة. فأصرخ وأنُطّ!.. في خزانة المطبخ ألمحه وراء علبة السَّمن. فأصرخ وأنُطّ!..
تصدُر عن الصَّراصير وَسْوَساتٌ خفيضةٌ لم أفهم مغزاها. فمِلتُ نحوَ زميلي سميرٍ أسأله. فقال ساخراً:
_ إنَّ الصَّراصير تُشاركُ الفتاة قَرَفها!
// في الليل لا تغمض عيني. وأشعر بحركته تحت السَّرير. فأصرخ وأنُطّ!
تتوتَّر الصَّراصيرُ وتروح تهتزُّ فوق أرجُلها كأنَّما تتحفَّز لنَجدةِ الفتاة الخائفة لولا أنَّ صوتَ تلك الفتاة تغيَّرَ إلى الارتياح في النَّبرة وهي تقول:
// لكنْ لمَّا رجع حبيبي من باريس أهداني "كافرسيد"!
سكتت الفتاةُ عقِبَ نُطقِها الاسمَ كأنَّها اهتَدتْ أخيراً إلى الحلِّ النهائيِّ لقرفها. فسَرَى من نبرتها في الصَّراصير ارتياحٌ تبدَّى في دبيبِها على مَهَلٍ على أرض الملجأ قريباً من بابه مُتناسيةً الخطرَ الذي كانت هربتْ منه.. ما عدا الصُّرصورَ الجائعَ الذي لبِثَ صامتاً مُعتصِماً بالرُّكن..
// وصرتُ كُلَّما رأيتُ شيئاً أسود يمشي.. (وتُضيف الفتاةُ مُحاكيةً صوتَ الرشِّ).. بِست بِست.. (ثم تقول).. بَحْ!
راحت صراصيرُ الملجأ تُهلِّل ويُهنِّئ بعضُها بعضاً وهي تُردِّد الاسمَ الإفرنسيَّ كأنَّما لتحفظَه!
وتُنهي الفتاةُ السَّعيدةُ إعلانَها قائلةً:
// بترخيص من بعبدا.
استهلالٌ موسيقيٌّ يعود بعده المُذيع ليواصل النَّشرة كما وعَدَ:
""الحدائقيُّ اللبنانيُّ، جَردانُ، حمَّلَ كبيرَ صبيانِ الشيَّاح، إحساناً، المسؤوليَّةَ عن اقتلاع صبيانه للكثير من شُتول الورد في الأحواض الشرقيَّة- داعياً، من كُوخهِ في بَعبدا، أهالي الشيَّاح لاستدعاء صبيانهم إلى البيوت""..
التفتُّ إلى الصُّرصُور الجائع في رُكنهِ القَصِيِّ بالملجأ. فألفيتُه يتحرَّك نحو المَخرج في حذرٍ شديد. فلفتُّ إليه سميراً- الذي كان طوالَ الوقتِ قلقاً يمسحُ رأسه برِجلَيه الأماميَّتين ثم يتطلَّع إلى مدخل الملجأ- فقال وهو يستعدُّ للطيران:
_ قد مضَت فترةٌ من الهُدوء النِّسبيِّ..
لكنَّ الصُّرصُور الكبير هتفَ بصاحبهِ الجائع إذ انتبهَ له:
_ ألا تنتظرُ ساعةً بعدُ يا صُرصور؟
بلغَ الصُّرصورُ الفُتحةَ المُضاءة بنُور النهار. فمدَّ إلى الخارج قرنَيه يستشعرُ إنْ كان ثمَّةَ حركة.. ولعلَّه اطمأنَّ إلى خُلُوِّ الطريق ممَّن يخشَى، فخرجَ يدِبُّ على أرجُلهِ السِّتِّ لِصْقَ حافَّةِ الرَّصيف في انسيابٍ حذِرٍ- يُسرع تارةً إنْ صادفَ فضاءً مكشُوفاً، ويتباطأ حتَّى الجُمود إنْ بلغَ مأمناً تحتَ حَجَرٍ أو دُميةِ طفلٍ مُمزَّقةٍ مُلقاة، ولا يكُفُّ قرناهُ عن التذبذُب.. ثم غابَ عن أنظارنا. فقال سميرٌ وهو يُحوِّم مُتشجِّعاً:
_ سأطيرُ أنا أيضاً إلى المتن للاطمئنان إلى ذُبابتي الجميلة جيزال!
فطرتُ وراءه قائلاً بشجاعتي الصحفيَّة:
_ أمَّا أنا فسأطيرُ تحتَ فُوَّهات الرشَّاشات!
وما إن أقلعنا عن السَّفينة حتَّى انهارت تحتَنا، وظهرَ فيها المئاتُ من عُثِّ الخشب..
فوق سطح الأرض كانت جُثثُ الحشَرات في كلِّ مكان: هذا خُنفُساء مُتطاوِلُ الفكَّينِ في سيَّارة أُجرةٍ، يتدلَّى إلى الأسفلت مَيتاً من الباب المفتُوح لمقعد السَّائق، وتلك هناك دَعاسيقُ مرشُوشةٌ أمامَ بوَّابة فُرنٍ يدُلُّ تتابعُها بالأرض أنَّها كانت في طابُور، وهُناك سُرَفٌ صغيرةٌ مبعُوجةُ البطُون تسيلُ منها دماؤها الخضراء- إلى جانبِها على الرَّصيف شُنَطٌ مدرسيَّةٌ مُتناثرةٌ تندلِقُ منها الكتُبُ المُلوَّنة، وهنالك دُودُ الأرض قد انسحَقَ تحتَ رُكام منزِل.. أمَّا صُرصورُنا الجائعُ السَّكُوت فكان مُنقلِباً على ظهرهِ، رافعاً أرجُله السِّتَّ الطويلة- لا حِراكَ به- أسفلَ جِدارٍ تختلط عليه كتاباتُ الصِّبيان: أبو الغضب، أبو الجَماجم، أبو "اليل"، أبو الرعب،.. مُتبنِّينَ تلك القوى والظَّواهر الوحشيَّة. ثم تراءَى لي- بخَطٍّ مُضطرِبٍ باهتٍ- التَّحذيرُ: انتبه.. قنّاص!
فوق، في الأعلى، صورةٌ لكبير صبيان عين الرمَّانة إتيانَ، لا يكاد يُحيطُ بصري المُركَّب بأبعادها المُترامية، تحتلُّ الجدارَ الجانبيَّ لبنايةٍ سكَنيَّةٍ من ثلاثة عشر طابقاً. كان الكبيرُ حاملاً بيُمناهُ رشَّاشته الحشَريَّة وهو يهُمُّ بإطلاق الرَّذاذ السَّامِّ- على وجهه نظَّارةٌ سوداء، وعلى مُحيَّاه ملامحُ رجُولةٍ مُبكِّرةٍ تُعَدُّ مَفخَرةً لأيِّ صبيٍّ.
انخَفضتُ في طيَراني تحتَ الصُّورة العملاقة- لا أكاد أكبِتُ إحساساً بالصِّغَر. فجعلت تُطالعُني الشِّعاراتُ على الجدران: نحن شياطين، نحن تيوس،..
واهتزَّ قرنايَ بحركةٍ آتيةٍ من عين الرمَّانة. فانعطفتُ في طيراني. وإذا صبيانٌ من الصحَّة اللبنانيَّة- تقول ذلك شارةُ الدبُّور الأخضر المشطُوب بالأحمر على أذرُعهم- مُدجَّجينَ بالعِصِيِّ والنقَّيفات يتسلَّلون خلالَ الأعشاب الطويلة إلى الشيَّاح- على رأسهم كبيرُهم إتيان.. تتبَّعتُهم عن بُعدٍ- شاعراً برهبةِ الاقتراب من الكبير- حتَّى تناهَى إليَّ صوتُه يقول همساً:
_ سنهجُم عليهم كالصَّدمة. فنُحرِّر الحشراتِ المسيحيَّة من المرطبان.
فجاوَبَهُ صبيانُه بأصواتٍ مُرتفعةٍ لا تُناسب المَقام:
_ نمشي على خطواتك حيثُ لا يجرُؤ الآخرون!
فهمسَ لهم إتيانُ واضعاً سبَّابته على فمه:
_ هُس!
واصلُوا التسلُّل في صمتٍ لم أسمعْ خلاله سوى طنينِ جناحَيَّ الصغيرينِ وأنا أحوِّم وراءهم حتَّى خفتُ أن يلتفتَ أحدُهم إلى الخلف فيلمحَني.. تراءى لنا بيتُ أحسانٍ بينَ الأشجار تلُفُّه السَّكينةُ كأنَّما هو مهجور.. أمرَ إتيانُ صبيانَهُ باتِّخاذ دريئة، فكمنُوا وراء الجُذوع وأنظارُهم لا تتحوَّلُ عن البيت القديم ذي الأعمدة الكثيرة.. وهمس إتيانُ في قلقٍ كأنَّما يُخاطب نفسه:
_ لا صبيَّ يحرُسُ البيت.. أين ذهبوا؟.. هل أجد إحساناً وحده.. (ثم قال لرفاقه مُقطِّباً في حزمٍ ليرفعَ المعنويَّات).. ألقِمُوا النقَّيفاتِ واتبعُوني!
تنبَّهتُ إلى توتُّرٍ برِجلي الخلفيَّة إذ راحت تنتفضُ عفواً وأنا أحوِّم وراء الصِّبيان. لكنَّني غالبتُ خوفي ودخلتُ البيتَ الذي قابلتُ يوماً إحساناً على شُرفته الشرقيَّة المُطِلَّة على تلِّ الزَّعتر.. كان مَرطَبانُ الحشَرات في مَوضعهِ على خِزانة الزُّجاجيَّات- على رواية زميلي الذُّبابة الأمريكيِّ تيري..
_ هاي.. فِسكي!
التفتُّ بشيءٍ من وَجَل. فإذا به تيري نفسُه!
كان تيري يُحوِّم برِفقة ذُبابةٍ أسمرَ سَمينٍ، قدَّمه إليَّ قائلاً بغِبطة:
_ هذا شفيق. ذُبابةٌ فلسطينيٌّ. سيُساعدُني يا فِسكي في تحرير خُنفسائي المُلوَّنة.
فقال شفيقٌ مُتجهِّماً- لكنْ بعينَينِ كبيرتَينِ برَّاقتين:
_ نحن الحشراتِ الفلسطينيَّةَ لا ننسَى أصلَنا الإنسانيَّ بأرض البرتقال.
كان صِبيانُ عين الرمَّانة قد عثرُوا في تلك اللحظة على المَرطَبان إذ صاحَ أحدُهم- وكان قصيرَ شعرِ الرأس، عسَليَّ العينين:
_ ههناك حشراتُنا..
وهمَّ الصبيُّ بالوثُوب على المرطبان فوقَ الخِزانة. لكنَّ إتيانَ استوقفَهُ بكُوعهِ ولمَّا يُرخِي توتُّر مطَّاطة النقَّيفة في يدَيه:
_ انتظرْ يا إليان.. أشعرُ أنَّ بالأمر فخَّاً.
وما أتمَّ الكبيرُ كلمته حتَّى هاجَ- من ثقبٍ بأعلى الجِدار- سِربٌ من الدَّبابير الخُضر شاهرةَ الشَّوكات..
_ تراجعُوا!
دوَّت صيحةُ إتيانَ الفزِعة في أرجاء البيت. فسارع الصبيانُ إلى إلقاء أنفُسهم من النوافذ- والدَّبابيرُ تطِنُّ وراءهم..
طار تيري إلى المرطبان هاتفاً بجَزَع:
_ خُنفُسائي الحبيبة.. ها قد رجعتُ كما وعدتُكِ..
كانت الخُنفساء المُلوَّنة على ظهرها فوقَ ورقةٍ ذابلةٍ في قَعرِ المَرطَبان والنَّملُ الصغير مُتجمِّعٌ عليها يَقرِصُها بأفكاكه الحادَّة يُريد أن يُمزِّقها إرباً ويَجُرَّها إلى مُستعمرته في الكعكة اليابسة، والمسكينةُ تُحرِّكُ أرجُلَها تُنازِعُ النَّملَ البقاء..
جُنَّ جُنونُ تيري. وجعل يُحوِّم حولَ المَرطبان الزُّجاجيِّ المُحكَم الغطاء وهو يَطِنُّ ويَصطدمُ به كأنَّه يُريد أن يكسره ليُنقذَ حبيبته.. خفتُ عليه، فهتفتُ به:
_ حاذِرْ يا تيري أن تهرِسَ رأسَك!
وما ندري إلا وكفٌّ بشَريَّةٌ تمتدُّ إلى غطاء المَرطَبان البلستيكيِّ المُثقَّب، فتُديرُه بثباتٍ حتَّى تنزعَهُ عن المرطبان، وتُلقي به بعيداً!.. استفاقَ تيري من ذُهوله بسرعة. فطارَ ودخلَ المَرطَبانَ من فُتحتهِ وراحَ يُحوِّم في جرأة دبُّور فوقَ الخنفُساء المقلُوبة طارداً عنها النَّمل:
_ اترُكوها يا وحوش.
استجدَّت الخنفُساء نشاطاً وراحت تنتفضُ بعُنفٍ حتَّى تفرَّقَ عنها النَّملُ في ذُعر وخيبة. وساعدناها أنا وتيري حتى انقلبتْ على بطنها ووقفتْ على أرجُلها..عند ذاك عانقَها تيري بأرجُله السِّتِّ القصيرة وهو لا يكاد يُحيط بجِسمها الضَّخم اللمَّاع..
تركتُهما في عِشقهما وطرتُ خارجاً من المَرطبان راغباً في التعرُّفَ بصاحب الكفِّ الإنسانيَّة المُنقذة. لكنَّني لم أجدْ سوى الذُّبابة شفيقٍ حاطَّاً على خِزانة الزجاجيَّات يفرُك رجلَيه الأماميَّتين ويمسحُ بهما رأسَه.. سألتُه وأنا أحوِّم مُتلفِّتاً:
_ أين ذهبَ الإنسانُ الذي فتح المَرطبان؟
فقال شفيقٌ ببراءة ولمَّا يكُفَّ عن تنظيف نفسه:
_ لستُ أرى في البيت غيرَنا!
وخرجَ من المرطبان تيري وخنفساؤُه المُلوَّنة سعيدَينِ يطيرانِ مُتعانقَين..
_ أين أنتُما ذاهبانِ يا تيري؟
فقال تيري في سعادة:
_ سأطيرُ بها إلى المُتنزَّه الأمريكيِّ حيث سأطلبُ لها بطاقةَ هويَّةٍ إنسانيَّة!
تساءلتُ عن بقيَّة الحشَرات المسيحيَّة في المرطَبان أين هي. وأجبتُ نفسي بأنَّها ماتت جُوعاً- على الأرجح- وأكلَها النَّمل.
أما سُؤالي الأهمُّ ''أين كان إحسانٌ وصبيانُه من هجُوم إتيانَ على الشيَّاح؟'' فقد طلبتُ الإجابة عنه من زميلي فوَّاز.
قادتني الروائحُ الكريهة، ووقعُ حوافرِ البِغال- مع الصَّباح الباكر- إلى دبَّاغة الجلُود بقرية مَشغرةَ الجنوبيَّة.
وإذ ولجتُ البابَ مُحوِّماً أفزَعتْني وحُوشٌ في الأعلى على حمَّالاتٍ خشبيَّةٍ بالسَّقف- تتدلَّى في تَراخٍ ولا عملَ لها إلا النظرُ إلى أسفل، إلى هذا الذي يَكشِطُ عندَ المدخل- بحَدوتهِ الحديديَّة- اللَّحمَ والشَّعرَ عن جِلدٍ حيوانيٍّ مَسلُوخ. وهذانِ بجانبِ حَوضٍ كبيرٍ من الحوامِضِ والموادِّ الدَّابغة كالكلس والزرنيخ والبلمُوط.. يَرفعانِ- بأظلافِهما- الجِلدَ المنقُوع، وينقُلانِه إلى المَداعِس، حيثُ يتلقَّاه هؤلاء- بالقوائم الأماميَّة- ويرُشُّونه بالماء لتنظيفه- على بُطونهم من جُلودهم البُنيَّة مَآزرُ. ثم يَنكبُّ عليه أولئك يُمسِّدُونه- بقَوائمهم الخلفيَّة.. أمَّا المرحلةُ الأخيرة من هذا العمل المُحَيْوِنِ فالكيُّ واللفُّ على المَحدَلة الضَّخمة التي لا يُديرُها إلا ذاك البغلُ ذُو العضلاتِ القويَّة في أوراكهِ وظَهره ورقَبته.. ها هو يُومئ برأسهِ المُستطيل ويقول مُخاطباً شخصاً ما:
_ مرحبا يا خال!
إنَّه زميلي فوَّازٌ أقبلَ عليَّ من وراء البغل مُحوِّماً يسألني:
_ ماذا جاء بك إلى هنا يا فِسكي؟ ألعلَّها الرائحةُ الشهيَّة!
وهبطَ بي على فخذ البغل. فحرَّك الحيوانُ ذَنَبه ناحيتنا. فطِرنا نتَفادى منه. ثم عُدنا فوقَعنا على الشَّعر البُنِّيِّ المُلوَّث بالرَّوث الجافِّ.. أجبتُ فوازاً:
_ جئتُ أسألك رأيَك فيما باتَ يُعرَف "بقضيَّة لبنان الإنسانيَّة".
رفع فوَّازٌ إليَّ عينَيه الكبيرتين وقال ببُطء:
_ لبنانُ عاملٌ بسيطٌ في مزرعةٍ للحرير الطبيعيِّ بالشُّويفات. جعلُوه دودةً كي يجعلوا منه قضيَّة. فاستغلَّ إتيانُ ضعفَ الدُّودة وقِلَّة حيلتهِ في الدِّفاع عن نفسه، ونادى بحمايته من الدَّبابير الفلسطينيَّة حتَّى أخذت الصبيانَ الشَّفقةُ على لبنان، وساعدُوا إتيانَ في احتجازه بجُنينته. أمَّا إحسانٌ الراغبُ بصِدقٍ في إصلاح الحديقة اللبنانيَّة فقد شعرَ بألا سبيل إلى ذلك إلا بضَربِ إتيانَ وتحريرِ لُبنانَ من قبضتهِ كي يَستميلَ قلوبَ الصبيان، فيُساعدُوه في الإصلاح.
سألتُه وأنا ألحظُ ذنبَ البغل بقلق:
_ فهل وجد الفُرصة؟
قال فوَّازٌ وهو يفرُك رِجلَيه الأماميَّتين:
_ كانت فرصته الأخيرة. إذ انطلقَ على رأس صبيانِ "الحركة الحدائقيَّة اللبنانيَّة" قاصداً جُنينةَ إتيانَ بالأشرفيَّة.. (حوَّمتُ متشوِّقاً ثم عدتُ أحُطُّ قُبالة الذبابة على فخذ البغل).. بدأ الهجومُ على مِحور البربير- المُتحَف، ورأس النًّبع- الصوديكُوه.. غيرَ أنَّ صبيانَ "الصحَّة اللبنانيَّة" تصدَّوا لصبيان الحركة الحدائقيَّة وصمدُوا لهم بإرادةٍ لم يتوقَّعها إحسان- بالرغم من طُلوع الكثيرينَ منهمِ إلى بيُوت أهاليهم مُمزَّقي المَلابسِ، باكينَ، يسيلُ الدَّمُ من أنُوفهم..
قلتُ مُخمِّناً:
_ وعاد صبيانُ الحركة على أعقابهم؟
فقال فوَّازٌ وهو يمسحُ رأسَه برِجليه الأماميَّتين:
_ لا يا فسكي.. فقد استعانَ إحسانٌ بالدَّبابير الخُضر الفلسطينيَّة!
عُدتُ أحوِّم مُنفعلاً لا أكاد أُمسك جناحيَّ عن الرفرفة. سألتُه:
_ كيف ذلك؟ خبِّرني..
فقال فوَّازٌ ولمَّا يُزايل الهدوء نبرته:
_ كان إحسانٌ قد جمَعَ في جِرابٍ كبيرٍ الكثيرَ من الدَّبابير الخُضر على أن يحمِلَها إلى الجنُوب فيُطلقَها نحو أرض البُرتُقال الفلسطينيَّة. إلا أنَّ إحساناً ربَطَ الجِرابَ بإحكام. وحمَلَه معه إلى الأشرفيَّة. فلمَّا شعرَ بقوَّة صبيانها لوَّحَ بالجِراب تلويحاً عنيفاً حتَّى هاجت الدَّبابيرُ التي فيه. ثم فتحه وألقَى به بينَ صبيانِ إتيانَ وهو يبتعد بصبيانه!
سألت فوازاً بإنكار:
_ تقول إنَّ إحساناً هو الذي ورَّطَ الدَّبابيرَ الفلسطينيَّة في شِجاره مع صبيان حديقته المسيحيِّين؟
_ نعم يا فسكي. كان الصَّبيُّ يريد إصلاحَ الحديقة اللبنانيَّة بالشَّوكة الفلسطينيَّة!
سألتُه:
_ ولبنان؟ هل أنقذه إحسانٌ؟
فقال فوَّازٌ وهو يفرُك رِجلَيه الخلفيَّتين:
_ بعد هربِ صبيانِ إتيانَ فزعاً من الدَّبابير- وجد إحسانٌ الطريقَ إلى جُنينة مُنافسهِ مفتوحةً ليس بها صبيٌّ واحدٌ يقول لهم مُتوعِّداً: ''استجرِئُوا وتقدَّمُوا''!
طرتُ وجعلتُ أدوِّم فوق فوَّازٍ بانفعالٍ وأسألُه مُستبِقاً الأحداث:
_ هل التقطَ لبنانَ؟
_ لا يا فسكي.. فقد حدث دُونَ ذلك شيءٌ فظيع.
_ ماذا؟
_ عند المُنعطَف المُؤدِّي إلى جُنينة إتيان، حيثُ يقوم دَيرٌ، استمهلَ إحسانٌ صبيانَه قليلاً وانتحَى وراء أجمةٍ لقضاء حاجة. ولمَّا تأخَّرَ الكبيرُ مضَى صبيٌّ في أعقابهِ يتفقَّدُه. فوجده بالأرض مُضرَّجاً بدمه!
_ يا للفظاعة!
_ عاد الصبيُّ المسكينُ إلى رفاقه مُسرعاً قد ازدادت عيناهُ جحُوظاً يُخبرُهم بما رأى وهو يضرِبُ على جبينَه العريض مُتفجِّعاً..
سألتُه كأنَّما أُسائل نفسي في تخمين:
_ من الوحشُ الذي افترسَهُ يا تُرى؟
فأجابني فوَّازٌ المعروفُ بين الذُّباب اللبنانيِّ بصِدقِ استدلاله:
_ قد وقعتُ بنفسي على الجُثَّة، وعاينتُها. فوجدتُ بها آثارَ أنيابٍ ومَخالبَ مزَّقت اللَّحمَ تمزيقاً..
_ أيُّ وحشٍ هذا؟
فأجابَ فوَّازٌ بثقة:
_ أسد!
تمتمتُ متأمِّلاً:
_ تعني أنه الأسدُ السوريُّ؟.. (ثم وأنا أتذكَّر).. قد اعتبرَ الأسدُ اعتراضَ إحسانٍ على مدِّه سُلطانَه الملكيَّ على الحديقة اللبنانيَّة شيئاً لا يُغتفَر!
وما أدري إلا وذَنَبُ البغل يرتفعُ بغتةً ثم يَهوي علينا!
طرتُ في اللحظة الحرِجة قُبيلَ انصِفاقِ الشَّعرِ الطويل الأسود على المَوضع الذي كنَّا به. فنجَوتُ بنفسي. ورُحتُ أُحوِّم بانفعالٍ حول عجيزة الحيوان مُنادياً بجزَع:
_ يا فوَّاز!

 الذبابة روبرت فسك
مراسل صحيفة الأزمنة
من زمن التَّحشير
 كان هذا التقرير 6 من روايتي "الذبابة روبرت فسك"، يليه عمَّا قريب التقرير 7: الحدائقيُّ اللبنانيُّ يَعتكف في كُوخهِ ببَعبدا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق